منتديات ليب مون

احتاج قرار إنشاء مستشفى فتوح كسروان الحكومي «الوسطي» بين بيروت وطرابلس الى أكثر من عشر سنوات كي يبصر النور مؤسسة طبية رسمية قادرة على أن تقدم خدماتها الصحية لمئة مريض من معظم المناطق الممتدة على خط الساحل. وبافتتاحه السبت المقبل في 28 آذار تكون كسروان «المدللة» نظريا و«المحرومة» واقعيا، تشهد ثاني إنجاز على مستوى عال بعد سد شبروح، رغم عدم تنعم الكسروانيين بمفاعيل الأخير الإيجابية بعد، ولو أن البعض يعتبر أنه الاختراق الإنمائي الثاني للمنطقة بعد السد منذ عهد فؤاد شهاب.
لا تاريخ محددا لاتخاذ قرار إنشاء المستشفى، وإن تشير بعض المعلومات إلى العام 1994. أما البوار الفتوحية الكسروانية فاختيرت لموقعها في الوسط بين عاصمتي لبنان والشمال. وفي جوار كنيسة الحبل بلا دنس على جبهة تلك البلدة الهادئة، بدأ تشييد المبنى في 22ـ10ـ1999على مساحة 11200 متر مربع من أرض للدولة مساحتها 28 ألف متر مربع، لتنتهي عملية البناء في التاريخ نفسه من العام 2001. ويعود إنشاء المؤسسة العامة لإدارة المستشفى الى المرسوم الرقم 14254 الصادر عن مجلس الوزراء في 3ـ3ـ2005، وبموجبه تألف مجلس الإدارة من ستة أعضاء وهم رئيس المجلس والمدير الدكتور شربل عازار والأعضاء المحامي إميل مخلوف، المهندس الياس عواد، الدكتور توفيق مرعب، المهندس أديب الهاشم والدكتور سليم مغربل.
تسلم المجلس زمام إدارة المستشفى منذ العام 2005 ومن خلال مجلس الإنماء والإعمار أضاف أقساما على هيكليته. وعلى ما يقول مديره الدكتور شربل عازار لـ«السفير» فإنه «قد يكون المستشفى الحكومي الوحيد الذي شيد بهذه السرعة كون ولادته ترافقت مع أصعب الظروف التي مرت بها البلاد أي منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 والى اليوم، وما تخلل تلك المدة من مسلسل الاغتيالات وحرب تموز وأحداث مخيم نهر البارد واستقالة بعض الوزراء والفراغ الرئاسي وغيرها من الأحداث». ويشير عازار الى أن «المستشفى بات حقيقة اليوم رغم «النقّ» الرسمي الذي جوبهنا به من مختلف الجهات بأن لا أموال»، معددا الأقسام التي تمت إضافتها وعلى رأسها العناية الفائقة، العناية بالمولودين الجدد، غسل الكلى، تفجير الحصى، قسم التصوير الشعاعي (سكانر) وقسم مستقل للأطفال.
وخلال عهد رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، رصد لمبنى المستشفى، على ما يقول عازار، مبلغ مليون و700 ألف دولار من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك):« وهو مبلغ زهيد نسبة الى بناء مستشفى وقد أضيف اليه لاحقا مبلغ من البنك الإسلامي للتنمية وقيمته ثلاثة ملايين دولار». وبافتتاحه السبت 28 الجاري، يفتح مستشفى البوار أبوابه أمام المرضى المحتاجين الى كل العلاجات باستثناء جراحة القلب المفتوح. يحتوي المستشفى على 100 سرير ولو كانت الرغبة بعدد أكبر من الأسرّة، على ما يقول عازار،مضيفاً « قمنا بتحويله لمستشفى جامعي بدليل صدقية النوعية الطبية التي يقدمها من الطاقم الطبي الذي يشمل مختلف الاختصاصات الى الجسم التمريضي والوظيفي الذي عين بعد نجاحه في امتحانات مجلس الخدمة المدنية». وإذ يلفت عازار الى أن عدد موظفي المستشفى يبلغ 150 شخصاً معظمهم من كسروان وجبيل، يشدد على العمل فيه «بيد واحدة خصوصا أننا المستشفى الحكومي الوحيد على الساحل ضمن المسافة الفاصلة بين مستشفى رفيق الحريري ومستشفى طرابلس الحكومي إذا ما استثنينا مستشفى الكرنتينا الذي يحوي 15 سريرا وتنورين 30 سريرا وضهر الباشق غير المتواجد على الساحل». وفي حفل الافتتاح عند الواحدة بعد ظهر السبت الذي يتم برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، يتحدث الى جانب عازار، وزير الصحة محمد جواد خليفة، عميد كلية الطب في الجامعة اللبنانية الدكتور بطرس يارد ورئيس بلدية البوار جوزف درغام.
ولعل طريق الوصول الى المستشفى على قمة بلدة البوار تشبه الى حد بعيد مساعي السنوات الصعبة من أجل الوصول الى افتتاحه بعد يومين. فهي تحتاج الى تأهيل وعناية وقد يكون الوقت مناسبا كي تستفيد من «زمن الزفت الانتخابي». لكن تلك المساعي نجحت أخيرا. ولأن «آباء النجاح كثر» فإن عازار يشكر «كل من ساهم أو يعتبر نفسه ساهم في هذا النجاح». وإذ يصف لجنة أصدقاء المستشفى بـ«الخبرية غير الجدية»، يشير الى أن جميع المسؤولين في المنطقة وفي الدولة عموما «استقبلونا ولكن في النهاية ما بيحك جلدك إلا ضفرك»، واعداً بأن مستشفى البوار سيقدم «أفضل جودة طبية» ومستشهدا بكلام وزير الصحة محمد جواد خليفة والسعي الى تطبيقه واقعا من أن «الفكرة المكونة عن المستشفى الحكومي لم تعد كما هي في ذهن الناس».