منتديات ليب مون

المحكمة تنصف.. لكن من ينصف الناجحين؟»، سؤال طرحته لجنة الأساتذة الناجحين وغير المقبولين في التعليم الثانوي، في اعتصامها أمس في ساحة رياض الصلح، والذي كان مقرراً أمام مجلس النواب، عله يجد جوابا من قبل النواب أنفسهم. لكن السؤال بقي سؤالاً، وتردد الصدى، ومعه الوعود.
شكل الارتفاع المفاجئ في درجة حرارة الطقس عامل ضغط على الأساتذة في اعتصامهم، وزاد من معاناتهم. معاناة جديدة، وخوف من الإصابة بضربة شمس، تضاف الى الضربات العديدة التي تلقوها، وهذه المرة ستكون مكلفة صحياً، في ظل حرمانهم من الطبابة. فكان تمثال الرئيس رياض الصلح هو الوحيد الذي شكل لهم مظلة تقيهم على الأقل من حرارة الشمس، بعدما سدت في وجههم السبل.
وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة التي تلقوها بعدم المشاركة في الاعتصام، حضر عبد الله من الشمال، ليعبر عن موقفه الاحتجاجي: «هذا العام حصلت على عشر ساعات تعاقد، والعام المقبل لن أحصل على أي ساعة، هكذا يعدنا مديرو المدارس». ويستند عبد الله الى وقائع ترتبط بتهديد المدير، تتمثل في أن العام المقبل سيتم تخريج نحو 780 أستاذاً من كلية التربية، بعد اختتام دورة الإعداد فيها، وبالتالي ستزاد على ساعات هؤلاء ما بين ثماني وعشر ساعات في الأسبوع، مما يعني فقدان نحو 7500 ساعة تعاقد سنوياً. وهذه الزيادة ستؤدي الى حرمان المتعاقدين من عدد كبير من ساعات تعاقدهم، في حال لم يتم تعيينهم.
وجاءت اللافتات التي رفعها الأساتذة، في معظمها، لتسأل عن مصير الناجحين الذي اعتبروا فائضاً، ولم يجدوا الى جانبهم سوى رابطة اساتذة التعليم الثانوي «الحاملة لقضيتهم»، من خلال مشاركة رئيس الرابطة حنا غريب في الاعتصام، إضافة الى رئيس المكتب التربوي المركزي في حركة «أمل» د. حسن زين الدين.
وكعادة كل تجمّع مطلبي، لا بد من شرح الأسباب والدوافع، فاستهلت رئيسة لجنة الاساتذة إيمان حنينة الاعتصام بتوجيه التحية الى وعي وتضامن الاساتذة «رغم محاولات البعض تخويفنا بالانقسامات السياسية في لبنان».
وقالت «نحمد الله أننا وجدنا يوماً محايداً في آذار، برغم صعوبة تعيينه في هذا الشهر الحاشد بالاعتصامات والمظاهرات التربوية والعمالية، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على صفق الأبواب في وجوه أصحاب الحقوق».
وعن قضية الناجحين غير المقبولين اعتبرت أنها «حلقة في منظومة المعاناة، إلا أنها وبكل غرابة بدأت بالنجاح وبمعدلات عالية عند البعض، فالفرحة لم تكتمل لأن الهوة بين المسؤولين والأساتذة عميقة، وما سمعته اللجنة من بعض النواب والوزراء لهو الدليل الأكبر على ذلك، ناهيك عن التهرّب من إعطاء المواعيد، مع تذرّع البعض بالدين العام، والتهديد بإفلاس الخزينة في حال التحاق الأساتذة الناجحين بالملاك الرسمي».
وسألت عن منطق البناء في توزيع بعض الحصص، وتحول التعاقد الى تعاضد، وفقدان حقّ الاستاذ في الضمان الصحي والانتساب إلى تعاونية الموظفين وبدلات النقل والراتب الصيفي وبالتالي يفقد الدافعية لتنمية مكتسباته العلمية والثقافية ضمن غياب الأمان الوظيفي.
وأشارت حنينة الى جملة من الاقتراحات، قدمتها اللجنة ولم تلق آذاناً صاغية ومنها: فتح باب التقاعد الاختياري، تثبيت الأساتذة الناجحين المتعاقدين بالأصل في التعليم المهني، وأخيرًا اقتراح قانون إلى مجلس النوّاب يحمل الرقم 109/2009 ويقضي بتعيين جميع الناجحين في ملاك التعليم الرسمي ضمن مدّة أقصاها أربع سنوات. وسألت: «ألا تتحمل الدولة تثبيت 300 طاقة علمية في كل عام مع التذكير بأن أكثر من 600 أستاذ سيحالون إلى التقاعد بعد عامين، مع التكرار للعدد المطلوب أصلا للمباراة وهو 920 في حين أن المقبولين كانوا 783».
وأكد غريب أن «مشكلة الزملاء هي في سلم الأولويات التربوية للرابطة، التي تقف صفاً واحداً لإنصاف هؤلاء الزملاء». وقال: «الرابطة لا تتضامن مع هؤلاء الاساتذة بل تحمل قضيتهم»، مؤكداً أن الرابطة ستراجع في مقبل الأيام وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، لمعرفة حاجات الثانويات. ولفت الى أنه سبق أن تم طرح موضوع الحاجيات على الوزارة، فجاء الرد بأن الدراسة تنتهي في شباط، ومنتصف آذار تعلن الحاجيات رسمياً.
وشدد غريب على أن الأساتذة خضعوا لمباراة مفتوحة غلب عليها طابع الكفاءة والجدارة والنجاح، ومن حقهم الدخول الى الملاك. وأوضح أن المسألة ليست شخصية، مؤكدا أنه لا يوجد تربية وتعليم من دون استاذ كفؤ، ومن يريد تعديل المناهج، يعدل في موقفه ويقبل هؤلاء الاساتذة. وسأل: «هل نطلب من هؤلاء الناجحين السفر؟ بعدما لم يعد أمامهم سوى خيارين إما أن تدخلهم الدولة الى الملاك، وإما الهجرة. نحن لا نريد لهم الهجرة، وهم لا يريدون البقاء عالة». ودعا غريب الى إيجاد مشروع حل متكامل للرابطة، رافضا الحلول عبر «الترقيع».
وتمنى د. زين الدين، لو أن المناسبة هي المباركة للمعلمين في عيدهم، «لكن للأسف نجد أنفسنا أمام قضية محقة، وحقوق ضائعة». وأكد وقوف الحركة الى جانب مطالبهم، ومع قضية إدخالهم الى الملاك، معربا عن أسفه أن يكون زخم الاساتذة في الشارع بدل أن يكون داخل الصفوف. وتوجه الى المعتصمين بقوله «سنكون معكم في كل المواقع للضغط حتى تقر الحكومة حقوقكم».
بعد ذلك تشكل وفد برئاسة حنينة ومشاركة غريب، توجه الى مجلس النواب، حيث التقى مدير عام المجلس عدنان ضاهر، الذي أكد لهم توقيع رئيس المجلس نبيه بري على اقتراح القانون، وتحويله الى لجنة التربية. وأجرى الوفد اتصالاً برئيس اللجنة محمد الحجار، ونقل عنه ان لدى اللجنة الكثير من الأولويات قبل موضوعهم، ولفت الى ضرورة أن يحول الاقتراح من الحكومة أولا قبل ذهابه الى اللجان.
بعد ذلك، توجه وفد من اللجنة الى مقر رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي، وعقد اجتماع في حضور رئيس الرابطة حنا غريب، وأمين السر محمد قاسم، وتم التشاور في خطوات المرحلة المقبلة الهادفة الى إقرار اقتراح القانون المسجل في مجلس النواب تحت رقم 109/ 2009، وتقرر في نهاية الاجتماع الدعوة الى جمعية عمومية عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء المقبل، في ثانوية عمر فروخ الرسمية في الكولا، وعلم أن الجمعية مقررة للإعلان عن خطوات التحرك المقبلة.