منتديات ليب مون

بدأ العد العكسي للعملية العسكرية العدوانية الإسرائيلية على غزة، في الوقت الذي لم تحقق أياً من أهدافها السياسية او حتى العسكرية التي وضعتها لنفسها خلال ١٨ يوما منذ بدء الحرب.
لا يبدو الحل في الأفق، الا ان العد العكسي يبدو واضحا في الخلاف السائد بين قادة العدو والنقاش في الدوائر الاسرائيلية حول جدوى الاستمرار في الحرب، ما يشير الى ان العدوان لن يستمر طويلا. أما اسباب انتقال اسرائيل الى موقع الدفاع، فعديدة بالنسبة الى أوساط فلسطينية مقاومة موجودة في لبنان:
أولاً: الفشل الكبير جدا للجيش الاسرائيلي برا وجوا، الذي ادى الى ازمة داخلية في اسرائيل نتج عنها تخبط في القرارات بدا واضحا في الايام الاخيرة للعدوان، بعد ان ظهر واضحا الاخفاق الاسرائيلي في عدم احتلال سوى مساحات ساقطة عسكريا من غزة، ليست ذات كثافة سكانية عالية، أي تدمير الاطار الهامشي من مساحة قطاع غزة، في محاولة لاقامة حزام امني على اطراف القطاع كالذي كان قائماً في جنوب لبنان.
ثانياً: الموقف الاميركي الذي ابلغ الحكومة الاسرائيلية بعدم رغبته بنقل الازمة الحالية المُحرجة لأميركا، الى عهد الرئيس الجديد باراك أوباما الذي من المقرر ان تتسلم ادارته مهامها في ٢٠ من الشهر الحالي.
ثالثاً: ردود الفعل الدولية والشعبية الشاجبة للعدوان العسكري، وهي ردود مؤثرة وموجعة لصورة اسرائيل التي تحرص عليها في العالم.
رابعاً: الاختراق الامني العسكري ضد اسرائيل على الحدود اللبنانية وفي الجولان السوري المحتل، الامر الذي يعني ان سقوط غزة ممنوع وأن اسرائيل ستدفع ثمن ذلك في اكثر من مكان.
خامساً: وهو الأهم، صمود الناس والمقاومة. وتتوقف الاوساط هنا للتأكيد ان الاسرائيليين قد ابلغوا الطرف المصري، وخاصة الرئيس حسني مبارك ومدير المخابرات عمر سليمان، بأنهم قد فوجئوا بقدرات المقاومة القتالية والصاروخية.
وتسخر الأوساط من كلام الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز حول تحقيق اسرائيل في ١٦ يوما ما عجزت عن القيام به في ١٦ عاما، اضافة الى اعلان الحكومة الاسرائيلية انخفاض اعداد الصواريخ المطلقة من القطاع الى درجة النصف، وتلفت في هذا الاطار الى ان مدى هذه الصواريخ قد بلغ مناطق استراتيجية غير مسبوقة ليستهدف قواعد عسكرية بالغة الاهمية، مع التأكيد ان البنية العسكرية للمقاومة في غزة لم تتأثر على الاطلاق، وأن الهزيمة الاسرائيلية باتت واقعاً.
اما على الصعيد السياسي، أي المفاوضات التي تقودها مصر هذه الأيام، برغم حضور تركي فاعل فيها، فإن الأمور ما زالت في حاجة الى انضاج.
وتشير الأوساط الى ان القاهرة اضطرت، إزاء الواقع الميداني على الارض، الى التراجع عن لغتها الضاغطة بشدة على حركة »حماس«، بعد ان كانت في السابق تطالبها بالقبول بالمبادرة المصرية كرزمة واحدة من دون تعديل، والذهاب الى اعتبارها الفرصة الاخيرة للحل.
وتشير الى ان المقاومة لا ترفض المبادرة المصرية، الا انها بالتأكيد لن تقبل بها كما هي عليه، بعد »الثمن الباهظ والمؤلم الذي دفعه الشعب الفلسطيني والصمود الاسطوري للمقاومة«.
من هنا، تضيف المصادر: فإن المفاوضات مع مصر لا زالت في حاجة الى نقاش مستفيض لتعديل بعض القضايا ولفظ شروط لن تقبل بها المقاومة، وكل ذلك في اطار مطالب المقاومة التي لا تراجع عنها: وقف العدوان، رفع الحصار، انسحاب العدو وفتح المعابر.
وتصر المقاومة على عدم تحصيل اسرائيل أي انجاز ميداني لعدوانها، وتشير الى ان الحكومة الاسرائيلية قد تنازلت عن مطلب استقدام قوات دولية الى القطاع، وتريد الآن »ضمانات امنية«، كون مسألة الامن مهمة وحساسة بالنسبة إليها، الأمر المرفوض من قبل المقاومة كونه يهدف الى عزل قطاع غزة وتحييد مقاومته، عبر طروحات متعددة تلحظ ارسال مراقبين دوليين او اشراف دولي على المعابر وغيرها.
كما تريد اسرائيل التخلص من تهريب السلاح عبر الحدود، وبات معبر رفح يختصر الازمة كلها، مع العلم ان التنازل الوحيد الذي من الممكن لـ»حماس« ان تقدمه يتمثل في اشـراك السـلطة الفلسـطينية في ادارة المعبر، من دون ممانعة تشكيل هيئة ما للاشراف عليه تضم الطرف المصري، لكن »حماس« ترفض تشكيل لجنة رباعية تم اقتراحها من قبل القاهرة تضمها اضافة الى الطرف الاسرائيلي والاوروبي والسلطة.
وعلم في هذا الإطار، ان الحكومة الاسرائيلية قد أبلغت القاهرة بأنها لا تصر على الوجود الدولي على معبر رفح، في حال قبلت مصر، المتريثة، بمراقبته ومنع التهريب، وتشير الأوساط الى ان نقاشا تفصيليا يتركز على هذه النقطة بين الاطراف كافة.
من هنا، تشير الأوساط الى ان اهتزاز المسعى المصري وعدم تعديل مبادرته قد يقابله مطلب من قبل فصائل المقاومة بإعطاء تركيا دورا اكبر في المفاوضات، تنتظره الاخيرة. وتلفت على هذا الصعيد بأن مسعى أنقرة »عمليّ« وهنا تكمن اهميته كونه سيؤدي الى نتائج اكثر فاعلية على الأرض. وفي كل الاحوال، الامر متروك للقاهرة للقيام بدورها المأمول على هذا الصعيد.
اما بالنسبة الى النيّة الاسرائيلية في الدخول في مرحلة جديدة من عدوانها العسكري، أي اجتياح القطاع بالكامل، فإن الأوساط الفلسطينية المقاومة تؤكد ان ذلك سيكون فعل انتحار بالنسبة الى حكومة العدو، لا يبدو انها ستقدم عليه. وبالنسبة الى حشد قوات الاحتياط، فإنها تدعو الى عدم أخذه بمحمل الجد مشيرة الى ان الأمر لا يعدو كونه مجرد بروباغندا في اطار الحرب الاعلامية غير المجدية على المقاومة.