منتديات ليب مون

الدبلوماسية الأوروبية تصطدم بتعنت إسرائيلي ... وبوش يرفض وقف النار
الالتحام البري الأول في غزة: ٤ قتلى إسرائيليين وثلاثون جريحاً
وفـد مـن حمـاس فـي القاهـرة ... والمعلـم فـي أنقـرة المتمسـكة بنشـر مراقبـين دوليـين



حلمي السمولي يبكي فوق جثث طفليه وابن أخيه الذين استشهدوا في قصف إسرائيلي على مدينة غزة أمس


...وعندما جرى الالتحام البري الأول في غزة، امس، تغير مجرى الأخبار ونوع الصور: المعلومات الأولية تؤكد سقوط أربعة قتلى من الجنود الإسرائيليين، وجرح نحو ثلاثين آخرين، استدرجوا إلى مكمن نصبته المقاومة في شرقي المدينة الفلسطينية التي تتعرض لغارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي مكثف ومتواصل منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية الأشد ضراوة ووحشية قبل عشرة أيام، وتقدم المزيد من الشهداء والجرحى الذين كان الأطفال أكثر من نصفهم، عندما ركز الغزاة نيرانهم على إبادة عائلات بأسرها.
وبدا أن كثافة النيران الإسرائيلية كانت، أمس، رداً على إحساس قوات الغزو بالمفاجأة إزاء ثبات المقاومة أمام الضغط العسكري الهائل، وقدرتها على الخروج من الأرض المحروقة إلى خوض معركة برية مؤثرة، والى مواصلة إطلاق الصواريخ على المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، حتى من داخل المناطق التي تقع تحت مرمى نيران الجنود الإسرائيليين الذين اخترقوا بعض أنحاء القطاع قبل يومين في مستهل هجوم بري يتسم بالحذر الشديد، بل والخوف من تكرار تجربة حرب لبنان العام .٢٠٠٦
واندلعت اشتباكات عنيفة منذ ساعات المساء الأولى في أحياء عدة داخل مدينة غزة بين جيش الاحتلال والمقاومين، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي البري، ليل السبت الماضي. وتركزت المواجهات، بحسب مصادر في حركتي حماس والجهاد، في منطقتي الشجاعية وحي الزيتون شرقي المدينة، اللتين تعرضتا لقصف مدفعي وغارات جوية مكثفة، في ما بدا محاولة من الاحتلال لإنقاذ جنوده من كمين نصبه المقاومون.
وأكد مصدر عسكري إسرائيلي أن جنوداً يخوضون مواجهات شرسة في المناطق المذكورة، فيما أشار مقاوم في حركة حماس إلى أنّ »المعارك في الشجاعية عنيفة جداً«، مضيفاً أن »المقاومة نصبت مكامن للقوات الإسرائيلية وأصابت سبعة جنود« بين قتيل وجريح، فيما ذكرت مصادر أنّ الجنود الإسرائيليين وقعوا في كمين للمقاومة، وأن الاشتباكات تسببت في مقتل أربعة جنود للاحتلال وجرح ثلاثين آخرين.
وأعلنت حماس، في بيان، أنها أطلقت قذائف مضادة للدروع على سبع دبابات على الأقل، في حين أوضح المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي أبو أحمد »وحدة من الجهاد شاركت في المواجهات«، مشيراً إلى أنّ المقاومين »هاجموا الخطوط الخلفية« للجيش الإسرائيلي. وأضاف أن »الاتصالات مع مقاتلينا مقطوعة حالياً، لكن المعارك متواصلة«.
وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، أعلنت في وقت سابق أن لديها آلاف المقاتلين المستعدين لخوض المعركة ضد إسرائيل في غزة. وخاطب المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة جنود الاحتلال، في كلمة متلفزة، قائلاً »لقد أعددنا لكم الآلاف من المقاتلين الأشداء ينتظرون في كل شارع وزقاق لحظة اللقاء بكم... وسيقابلونكم بالنار والحديد«. وأضاف أنّ »هزيمتكم في قطاع غزة تقترب ساعة بعد ساعة وكلما ازداد العدوان فستزداد خسائركم«.
في غضون ذلك، وفي مؤشر على فشل العدوان في تحقيق أهدافه المعلنة، أعلنت فصائل المقاومة أنها أمطرت المستوطنات والمدن الإسرائيلية بعشرات الصواريخ، اعترف الاحتلال بسقوط ٢٤ منها على المستوطنات القريبة من غزة ومدينتي أسدود وبئر السبع.
وكان الاحتلال واصل قصفه منازل المدنيين في أنحاء متفرقة من القطاع، حيث ارتكب مجزرتين مروعتين، الأولى عندما قصفت مدفعيته منزلاً في مدينة غزة متسبباً في استشهاد أم وأطفالها الأربعة، والثانية في قصف استهدف منزلاً لأسرة أبو عيشة في مخيم الشاطئ ما أدى إلى استشهاد سبعة من أفرادها. وبحسب المصادر الطبية الفلسطينية فإنّ عدد الشهداء منذ بدء عملية »الرصاص المسكوب« قد ارتفع إلى أكثر من ٥٥٥ شهيداً إضافة إلى أكثر من ٢٥٠٠ جريح.
وفي موازاة التصعيد الإسرائيلي، نشطت الحركة الدبلوماسية لاحتواء الموقف على خطين، الأول أوروبي، حيث أجرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووفد الترويكا الأوروبية محادثات في مصر وإسرائيل ورام الله، سبقت زيارة مرتقبة إلى سوريا ولبنان اليوم، والثاني مصري، حيث توجه وفد من حركة حماس، مساء أمس، إلى القاهرة.
وأعلن ساركوزي أنّ الاتحاد الأوروبي سيعمل مع القاهرة على بلورة مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار في غزة تنطوي على »بعض المجازفة«، مجدداً في الوقت ذاته تحميل حركة حماس مسؤولية العدوان على القطاع، حيث اعتبر أنّ الحركة تصرفت »بشكل غير مسؤول« لعدم تجديدها التهدئة، وهو ما ردت عليه حماس التي رأت في موقف الرئيس الفرنسي »انحيازاً كاملاً للاحتلال«.
واصطدمت الجهود الأوروبية برفض إسرائيل أي وقف فوري لإطلاق النار قبل »تغيير الوضع في المنطقة«، من خلال العمل على استبعاد حماس من أية ترتيبات مستقبلية يمكن أن تضفي عليها »شرعية«، مبدية تحفظها على عرض تقدم به الاتحاد الأوروبي بنشر مراقبين له على معبر رفح.
وفي السياق، يجري وفد من حماس، يضم عضوي المكتب السياسي للحركة عماد العلمي ومحمد نصر، محادثات مع عدد من المسؤولين المصريين بشأن الأوضاع في غزة وبحث المقترحات المصرية للتهدئة. وذكرت مصادر دبلوماسية عربية لوكالة »يونايتد برس انترناشونال« أنّ القاهرة ستعيد التأكيد على موقفها الداعي إلى وقف إطلاق الصواريخ كخطوة أولى للوصول إلى تهدئة.
وكان ممثل حماس في لبنان أسامة حمدان قال لوكالة »فرانس برس« إن الحركة تلقت دعوة من مصر »وسنستمع إلى ما سيقوله المسؤولون المصريون وسنناقش معهم المسائل العالقة، خصوصاً فتح معبر رفح«، فيما نقل موقع »فلسطين اليوم«، عن نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق إن حماس مستعدة لمناقشة القضايا والملفات المطروحة كافة، لكنه نفى أن يكون هناك تعهد من حمــاس أولاً لوقــف الصواريخ مقابل وقف العدوان.
وشدد أبو مرزوق على أنّ »أي وقف لإطلاق النار يجب أن يتضمن ثلاثة بنود أساسية«، هي »أن يكون هناك وقف متبادل لإطلاق النار وأشكال العدوان كافة على شعبنا، وأن تنسحب القوات الإسرائيلية من المناطق كافة التي دخلتها في اجتياحها البري لقــطاع غزة، وفتح المعابر كافة المؤدية من وإلى غزة... وبعد ذلك يمكن مناقشة أي مشروع«.
إلى ذلك، أعلنت لجان المقاومة الشعبية في فلسطين أنها نجحت في عقد اجتماع بين قيادات من حركتي فتح وحماس في مدينة رفح جنوبي غزة. ووصفت اللجان في بيان صحفي مقتضب اللقاء بأنه »مثمر«، من دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل. وهذا هو اللقاء الأول بين قيادات من فتح وحماس منذ سيطرة الأخيرة على القطاع في حزيران العام .٢٠٠٧
يأتي ذلك، في وقت أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه أن تكون عودة السلطة إلى غزة على حساب هزيمة حماس في مواجهة إسرائيل. وقال خلال مؤتمر صحافي مع ساركوزي »لا يمكن أن نعمل من أجل أن تدمر حماس لنحل محلها... ولن نقبل أن يوحّد الوطن بقوة السلاح. سيتم ذلك فقط من خلال الحوار«.
وفي واشنطن، أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك أنّ واشنطن تسعى إلى التوصل إلى اتفاق لوقف النار، يقضي بأن توقف حماس هجماتها الصاروخية، وفي الوقت ذاته فتح المعابر، فيما جدد الرئيس جورج بوش موقفه الداعم لإسرائيل بتأكيده أنّ »أي وقف للعنف لا بد أن يكون بشروط تمنع حماس من إطلاق الصواريخ«.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي علي باباجان، بعد لقائه نظيره السوري وليد المعلم في أنقرة، إنّ »أية تسوية يجب أن تكون مضمونة من المجتمع الدولي، ونعتقد أن وجود مجموعة مراقبة دولية هو الأمر الوحيد الذي سيؤدي إلى تسوية قابلة للتطبيق والاستمرار«، موضحاً أن »تركيا لن تتنصل من المساهمة في مثل هذا الحل إذا طلب منها«.