منتديات ليب مون

من اعتصام حماس والجماعة الإسلامية في الإسكوا



تحوّلت ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، أمس، إلى ساحة جهاد. فأدوات النضال ورموزه، على اختلافها، استحضرت خلال الاعتصام التضامني مع غزة، والذي دعت إليه حركة »حماس« و»الجماعة الإسلامية« في بيروت.
صورة الفدائي تقدّمت الجموع، تحت عنوان »المقاومة تحمي الثوابت«. منصات تحاكي صواريخ »فجر ١«، أدخلت محمولة على أكتاف شبان ملثمين بالأسود. أطفال جاؤوا من مخيم شاتيلا، وفي أيديهم بنادق يشهرونها في حالة تأهب، وجوههم ملثمة بالكوفية الفلسطينية، وعصبة المسجد الأقصى تلف جباههم، والأعلام الفلسطينية دروع على صدورهم. مجسم غزة »رمز العزة« حمل على منصة ترتكز إلى صاروخي »قسّام«. واصطف شبان يمثلون مجموعة استشهادية، وقد لبسوا أكفاناً بيضاء، وهم يهتفون رافعين قبضاتهم: »يا قسّامي دوس دوس، على مبارك الجاسوس«.
كل شيء يوحي وكأن المعركة تدور هنا. استعير من غزة، كما مناضليها الرمزيين، شهداؤها أيضاً. فكانت أيضاً حمّالة المصابين والشهداء، يعبر بها المتطوعون في »الجمعية الطبية الاسلامية«، بين جموع المعتصمين من وقت إلى آخر، للدلالة على سخونة الجبهة المفترضة.
وليكتمل المشهد النابض، انطلق التكبير مع إعلان عريف الحفل عن أسر »حماس« للجندي الإسرائيلي الثالث، وهاج المعتصمون، فيما تقدمت منصات صواريخ القسّام إلى الأمام، بما يؤشر الى حالة جهوزية.
وكان المعتصمون الذين انطلقت مواكبهم من الملعب البلدي، بعيد الصلاة، قد تأخرت في الوصول الى ساحة رياض الصلح. فأبناء المخيمات الفلسطينية في بيروت راحوا ينضمون الى المواكب في طريق سيرها الأمامي، بدل الخلفي، ما عرقل تقدم الجموع التي غيّرت طريقها سالكة منطقة الكولا بدلاً من خط البربير ـ البسطة كما كان مقرراً.
قبيل الثانية وصلت عشرات السيارات والفانات الى مكان الاعتصام، على وقع الأناشيد الثورية، تتقدمها الموسيقى الكشفية لأشبال »جمعية كشافة الإسراء« التابعة »لحماس«. فيما زنرت الساحة دبابات الجيش، وفرقة مكافحة الشغب. ثم التأم الاعتصام، على بعد خطوات من الاعتصام المفتوح التي تنفذه المنظمات الشبابية اليسارية اللبنانية والفلسطينية أمام مبنى الأسكوا، منذ بدء العدوان على غزة.
شُهرت أعلام »حماس« و»الجماعة الإسلامية« و»حركة الجهاد الإسلامي«. ورفعت صور جمعت »القائد« اسماعيل هنية »والصامد« خالد مشعل. وأخرى جمعت عبد العزيز الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين تحت شعار »معاً في الجهاد والاستشهاد«، إضافة إلى صورة القيادي في »حماس« الشهيد الشيخ نزار ريان.
حمل رجل مسن صورة الرنتيسي ومشعل، وهتف وحيداً: »هؤلاء الأحرار، المجاهدون، وما النصر الا من عند الله.. الله واكبر«. وكرر عباراته مراراً الى أن غصّ بدمعه. من وراء الرجل صورة عملاقة للرئيس الأميركي جورج بوش، وقد وضع على رأسه قرنان، وعلى صدره مئزر ملطخ بالدماء، والعبارة تقول: »أكبر مجرم في التاريخ«.
حضرت المجسمات بقوة في التحرك الاحتجاجي. واحد مقسّم الى جزءين، في الجزء الأول أعضاء دمى مصبوغة بالأحمر وتحتها عبارة »هكذا ينام أطفال غزة«، والجزء الثاني لدمى تنام في أسرتها وعبارة »هكذا ينام أطفال العالم«. مجسم آخر يرمز إلى مسجد تعرض للقصف: »حتى بيوت الله لم تسلم من حقدهم«. فيما يجسد ثالث عربة تمثل مزبلة التاريخ، في إشارة الى بعض الحكام العرب.
انتشر عناصر الانضباط التابعين »لحماس« لتولي عملية التنظيم، بسترات وقبعات خاصة، تعيد الى الذهن صورة عناصر الانضباط التابعين »لحزب الله« في مناسبات مماثلة. وتقدمت المعتصمين مجموعة من المشايخ ورجال الدين الهاتفين: »لن نعترف بإسرائيل قال القائد اسماعيل« و»بالدبابة والمدفع شعب غزة ما بيركع«. وكلما خفت صوت المشايخ، ارتفعت أصوات المعتصمين من خلفهم:»بالطول بالعرض قسّام بهزّ الأرض« و»من الرنتيسي لياسين بدنا نحرر فلسطين«. وقد رفع بعضهم قماشة كبيرة، دُوّن عليها »رؤساء عرب«، يعلوها رسم لعلم إسرائيلي مغروز في حذاء اميركي.
وألقى رئيس المكتب السياسي »للجماعة الإسلامية«، الشيخ علي عمار، كلــمة قال فيها: »لا يجوز لمجلس الأمن ولا لهيئة الأمم المتــحدة ولا للمنظمات الإنسانية في العالم ان تتعاطى مع العدوان السافر على غزة بهذه الخفة واللامسؤولية. يجب التعاطي مع العدو الصهيوني باعتباره يرتكب جرائم حرب ضد الإنسانية«. كما طالب »منظمة المؤتمر الإسلامي« بالانحياز إلى الشعب في فلسطين ومقاومته، مستهجناً التردد والإرباك في موقف جامعة الدول العربية. ودعا القوى السياسية في لبنان إلى عقد مؤتمر موحد لبحث الوضع في غزة، والخروج بموقف صائب لتأدية الواجب المطلوب إزاء فلسطين.
وتحدث ممثل »حماس« في لبنان، أسامة حمدان، فقال »إن المجاهدين في غزة يثبتون مرة أخرى ان العدو يمكن أن يقهر ويهزم. قد يبدو هذا الكلام متعجلاً، لكننا نقوله ثقةً بالله وإيماناً به، وثقة بمجاهدينا في الميدان«. ورأى حمدان »أنه سيكون للمعركة ما بعدها، فستجرف خيار التسوية الى غير رجعة، وستظهر الرجال المؤهلين للقيادة، أهم الذين يقبّلون أولمرت ويصافحون بيريز؟ أم هم الذين يحملون أرواحهم على أكفهم وخيارهم الجهاد والاستشهاد«.