منتديات ليب مون

برغم أنّ معظم وسائل الإعلام المرئية نقلت بالبثّ الحيّ تقريباً طريقة مقتل العقيد معمّر القذّافي في 20 تشرين الأوّل 2011، إلاّ أنّ المجلس العدلي اللبناني، ارتأى الحصول على مستند رسمي يثبت حصول الوفاة عملاً بما تنصّ عليه القوانين المرعية الإجراء في لبنان بغية التحقّق من ذلك قبل إصدار الحكم المبرم بحقّ القذافي وستّة من كبار معاونيه في قضيّة إخفاء الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمّد يعقوب والصحافي الزميل عباس بدر الدين.
ولذلك كلّف المجلس العدلي بما له من سلطة قضائية، وزارة الخارجية والمغتربين تزويده بما يثبت الوفاة وبأقصى سرعة ممكنة وقبل 20 كانون الثاني 2012 وهو تاريخ تحديد صدور الحكم في جلسة أخيرة في هذه القضيّة التي استمرّت عالقة في أدراج القضاء سنوات طويلة، وشهدت صدور قرارين اتهاميين وتعاقب ثلاثة محقّقين عدليين على إجراء التحقيقات اللازمة إلى أن استقرّت الدفّة لدى القاضي سميح الحاج، فأصدر القرار المناسب بالاستناد إلى المعطيات المتوافرة في الملفّ وهي كلّها تتضمّن رواية لبنانية ورواية إيطالية عن ظروف اختفاء الصدر ورفيقيه في 31 آب 1978.
وكان المجلس العدلي صريحاً لجهة التأكيد بأنّ وفاة القذّافي المنشورة في وسائل الإعلام هي من المعلومات التي يعرفها كلّ الناس، ومع ذلك فهو يحتاج إلى مستند رسمي يثبت الوفاة قانونياً وعلمياً لئلا يصدر حكماً بإعدام المتوفى.
وموت القذّافي لا يعفيه من الالتزامات المادية تجاه عائلات المخطوفين الثلاثة حتّى ولو كانت رمزية وثانوية أمام المطلب الأساسي بمعرفة مصير الصدر ورفيقيه، بحيث يقتضي متابعة الإجراءات بوجه الخصوم القانونيين نتيجة وجود ادعاء شخصي من العائلات، فضلاً عن أنّ ملاحقة معاونيه تبقى مستمرّة من خلال تعميم الحكم الصادر بحقّهم بما قد يتضمّنه من عقوبة على «الانتربول» بحيث يصبحون محاصرين ومطلوبين بموجب أحكام قضائية نافذة.
وعلى هامش صدور قرار المجلس العدلي، قالت مصادر مقرّبة من المدعين لـ«السفير» إنّ نتائج زيارة الوفد اللبناني الرسمي المؤلّف من مدير عام المغتربين هيثم جمعة والقاضي حسن الشامي إلى ليبيا في شهر تشرين الأوّل 2011، أثمرت عن تعيين فريق تحقيق ليبي خاص نزولاً عند طلب الوفد اللبناني من دون انتظار تشكيل الحكومة الليبية، بحيث يفترض أن تنتج الاتصالات المستمرة بين الجانبين اللبناني والليبي عن معرفة أسماء متّهمين جدد غير أولئك الواردة أسماؤهم في متن القرار الاتهامي ولا سيّما من الدائرة الضيّقة التي كانت محيطة بالقذافي والمتورّطة في الجريمة.
وتؤكّد المصادر أنّ كلام نجل القذافي سيف الإسلام القذافي عبر قناة «الراي» سيكون موضع ملاحقة وهو اعتراف صريح بتورّط جرمي.
ويعتبر هذا أوّل قرار يصدره المجلس العدلي «باسم الشعب اللبناني» وتضمن الآتي:
«إنّ المجلس العدلي المؤلّف من الرئيس سامي منصور بالإنابة، والقضاة الرؤساء أنطوني عيسى الخوري، إلياس بو ناصيف، غسان رباح، وبركان سعد.
وبعد الإطلاع على المرسوم رقم 3794 تاريخ 4/2/1981 الذي أحال على هذا المجلس العدلي قضية الاعتداء على أمن الدولة الداخلي الناتج عنها اختفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين وما يتفرع عنها وجميع الأشخاص الذين اشتركوا أو تدخلوا بها بأيّ صفة كانت؛
وعلى قرار الاتهام الصادر عن المحقق العدلي برقم 1/2008 تاريخ 21/8/2008 والذي خلص في فقرته الاتهامية إلى ما يلي:
أولاً: اتهام المدعى عليه معمر القذافي المبينة بمقتضى المادة 569/218 من قانون «العقوبات اللبناني لجهة التحريض على خطف وحجز حرية كل من سماحة الإمام السيد موسى الصدر وفضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين، الجريمة الحاصلة بتاريخ 31/8/1978.
ثانياً: اتهام كل من المدعى عليهم: المرغني مسعود التومي، واحمد محمد الحطاب، والهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، وعبد الرحمن محمد غويلة، ومحمد خليفة سحيون، وعيسى مسعود عبد الله المنصوري، بمقتضى المادة 569/213 من قانون العقوبات «اللبناني لجهة إقدامهم على الاشتراك في خطف الإمام الصدر ورفيقيه.
ثالثاً: اتهام المدعى عليهم: العقيد معمر القذافي، والمرغني مسعود التومي، واحمد محمد الحطاب، والهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، وعبد الرحمن محمد غويلة، ومحمد خليفة بن سحيون، وعيسى مسعود عبد الله المنصوري، بمقتضى أحكام المادة الثانية من قانون 11/1/1958.
رابعاً: الظن بالمدعى عليهم المذكورين في البند ثالثاً أعلاه بالجنح المنصوص عنها في المواد 317 و463 و463 /454/213 و 392/213 عقوبات.
خامسا: إصدار مذكرة إلقاء قبض بحق كل من المدعى عليهم المذكورين أعلاه وسوقهم مخفورين إلى محل التوقيف التابع للمجلس العدلي في بيروت.
سادساً: إتباع الجنحة بالجناية لعلة التلازم.
سابعاً: تسطير مذكرة تحر دائم توصلاً لمعرفة كامل هوية كل من المدعى عليهم: عبد السلام جلود، محمود محمد بن كورة، احمد الأطرش، عيسى البعباع، عاشور الفرطاس، علي عبد السلام التريكي، احمد شحاته، احمد مسعود صالح ترهون، إبراهيم خليفة عمر، محمد بن علي الرحيبي، محمد ولد دادا.
ثامناً: تدريك المتهمين والاظناء الرسوم والنفقات كافة.
تاسعاً: إعادة الأوراق إلى جانب النائب العام لدى المجلس العدلي لإيداعها مرجعها المختص.
وبعد الاطلاع على الأوراق كافة؛
ولدى التدقيق والمذاكرة؛
بناء عليه
حيث انه بعد جلسة اختتام المحاكمة في هذه الدعوى التي عقدت أمام هذا المجلس بتاريخ 14/10/2011 وتعيين يوم الجمعة الواقع في 18/11/2011 موعداً لإصدار الحكم فيها، تناقلت مختلف وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية بتاريخ 20/10/2011 نبأ مقتل العقيد معمر القذافي، وهو أحد المتهمين المتوارين عن وجه العدالة في هذه الدعوى، كما تداولت مختلف الأوساط والدوائر السياسية والأمنية هذا النبأ لا سيما وان الإعلان عن خبر مقتله ترافق مع عرض لمشاهد مصوّرة نسبت إلى المتهم المذكور قبيل مقتله وبعده؛
وحيث أنّ وفاة المتهم المذكور، في حال ثبوتها على وجه رسمي تترتب عليها مفاعيل ونتائج قانونية سواء لجهة الدعوى العامة أو لجهة دعوى الحقوق الشخصية وفق أحكام المادة 10 من قانون أصول المحاكمات الجزائية؛
وحيث انه عملاً بأحكام المادة 141 من قانون اصول المحاكمات المدنية إذا كان لا يجوز للقاضي ان يحكم بناء على معلوماته الشخصية في الدعوى، فإن المعلومات المستقاة من خبرة القاضي في الشؤون العامة المفروض إلمام الكافة بها لا تعد من قبيل المعلومات الشخصية المحظور على القاضي أن يبني حكمه عليها؛
وحيث إن المادة 6 من قانون أصول المحاكمات المدنية تنص على انه تتبع القواعد العامة في قانون أصول المحاكمات المدنية إذا وجد نقص في القوانين والقواعد الإجرائية الأخرى؛
وحيث إن ما تمّ تداوله وتناقله من نبأ مقتل المتهم المذكور أعلاه يندرج في إطار المعلومات المستقاة من الشؤون العامة والتي اتصل علم هذا المجلس بها شأنه في ذلك شأن الكافة، وبالتالي فإنه يقتضي إعمال أحكام المادتين 6 و141 من قانون أصول المحاكمات المدنية بهذا الصدد؛
وحيث إنّه بالاستناد إلى ما تقدّم، وتطبيقاً لمبدأ حسن سير العدالة، يقتضي تكليف وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية لإفادة المجلس العدلي عن مدى ثبوت وفاة المتهم العقيد معمر القذافي، وإيداع المجلس مستنداً رسمياً لإثباتها، وذلك بالسرعة الممكنة لأجل متابعة إجراءات المحاكمة في هذه الدعوى تمهيداً للفصل فيها؛
وحيث إنّ الدعوى تكون والحالة ما تقدم غير جاهزة للحكم فيها ويقتضي فتح المحاكمة لإنفاذ ما ذكر أعلاه على أن ينظر في ضوء ذلك بالمقتضى القانوني،
لذلك ومع حفظ البت بسائر جهات الدعوى،
يقرّر المجلس بالإجماع:
أوّلاً: فتح المحاكمة في هذه الدعوى لإنفاذ التكليف المبين في متن هذا القرار.
ثانياً: إعادة هذه الدعوى على جدول المحاكمة أمام المجلس العدلي وتعيين يوم الجمعة الواقع في 20/1/2012 عند الساعة الثالثة بعد الظهر موعداً للجلسة؛
ثالثاً: إبلاغ من يلزم.
قراراً صدر بحضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي بلال وزنه بتاريخ 18/11/2011.