منتديات ليب مون

فجأة، تشوشت الصورة على شاشة «قناة التحرير» المصرية، بينما كان الصحافي والناشط هاني شكر الله يشرح سبب استقالته من «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي». امتلأت الشاشة ببقع صغيرة، وتجمدت صورة شكر الله، بينما استمر الصوت يستكمل أسباب الاستقالة. ظنّ مشاهد «التحرير» أن ما حذّر منه الإعلامي حمدي قنديل قبل يوم واحد فقط، قد تحقق. وكان المخضرم قنديل، في برنامجه «قلم رصاص» على شاشة القناة نفسها، قد قال: «لو حضراتكم كنتو بتتفرجوا على قناة التحرير الليلة دي أو فى أي يوم من الأيام اللى جايه، ماتتخضوش لو الإرسال انقطع فجأة.. ده لا عطل فى جهاز التلفزيون، ولا عطل فى الريموت كنترول، ولا عطل فى النظر لا سمح الله.. ده هيبقى عطل فى الحكومة». وأتت كلماته هذه تعليقاً على خبر نشرته صحيفة «الأهرام» في اليوم نفسه، يزعم «ارتكاب قناة التحرير مخالفة القانون المنظم للبث الفضائي، وقيامها بتأسيس شركة في لندن بهدف انشاء قناة فضائية والتعاقد علي تأجير تردد على القمر الصناعي نورسات للتحايل على القانون المصري والابتعاد عن الضوابط التي وضعها في هذا الشأن».
بتلك الركاكة، نشرت «الأهرام» الخبر الذي عجّ بالمزيد من التفاصيل / الاتهامات المتماثلة في لغتها وطبيعتها: «وأكد مصدر مسؤول باتحاد الاذاعة والتلفزيون أن وحدة s.n.g التي تستخدمها قناة التحرير لبث برامجها من استديو مسك، غير مرخصة وتخالف القانون، وقد تم اخطار القناة بضرورة توفيق اوضاعها القانونية في إنذار بعث به المستشار القانوني للاتحاد». ونتيجة اتهامات تقنية شبيهة، أقفل قبل أيام مكتب قناة «الجزيرة مباشر - مصر»، فتحققت الدعاية السيئة للحكومة، ولوزارة الإعلام. أما «الجزيرة مصر» نفسها فلم تتوقف عن البث.
ولكن، لحسن الحظ، لم تشهد «التحرير» المصير ذاته بعد، إذ عادت الصورة نقية، وعاد هاني شكر الله يستكمل حديثه عن الحزب والاستقالة، وكان التشويش ناتجاً عن عطل فني لا أكثر. إلا أن التهديدات لا تزال قائمة. ففي اليوم التالي، وجهت «الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة» إنذاراً رسمياً إلى كل من قناة «أون تي في» وقناة «دريم»، بتهمة «عدم التزامهما بما ورد بالمحتوى الفني والوصف التفصيلي المقدّم من أجل قيامهما بمزاولة نشاطهما».
فاض الإنذار بحديث التراخيص وشروطها وميثاق الشرف الإعلامي والضوابط والاتفاقات.. إلخ. وهو حديث قانوني / فنّي لا يظهر سوى في مواجهة القنوات التي تحاول أن تكون مستقلة، أو حتى أن «تبدو» مستقلة. ولا يذهب مثل تلك الإنذارات أبداً إلى قنوات لو شاهدها مخترع التلفزيون لطلب الغفران.
في العام الأخير الذي سبق خلع الرئيس حسني مبارك، أغلقت السلطات سبع عشرة محطة فضائية، وألغت برامج، وأقصت إعلاميين. ولم ينقذ ذلك حكم مبارك، بل ربما عجّل بنهايته.. لكن «آفة حارتنا النسيان».