منتديات ليب مون

عقد مجلس الأمن الدولي، أمس، وبدعوة من لبنان الذي يترأس أعماله هذا الشهر، أولى جلساته المخصصة للنظر في الطلب الذي تقدم به يوم الجمعة الماضي الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقبول عضوية دولة فلسطين، وبذلك تنطلق معركة دبلوماسية قد تستغرق أسابيع، إن لم يكن شهوراً، يستند فيها الفلسطينيون إلى الدعم الدولي لمطلبهم، فيما يتسلح الإسرائيليون بالفيتو الأميركي الذي يحوم شبحه في أروقة المنظمة الدولية في نيويورك.
وبموجب المادة 135 من النظام الداخلي للجمعية العامة للأمم المتحدة، والمادة 59 من النظام الداخلي المؤقت لمجلس الأمن الدولي، فقد قام الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون بتعميم الطلب المقدم من فلسطين
من أجل الانضمام إلى الأمم المتحدة، وذلك طبقا لما ورد في رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتاريخ 23 أيلول الحالي.
وجاء في الطلب الذي قدمه عباس لبان كي مون «يشرّفني باسم الشعب الفلسطيني أن أقدّم هذا الطلب من دولة فلسطين لانضمامها إلى الأمم المتّحدة. يقدّم طلب الانضمام هذا على أساس الحقوق الطبيعية والقانونية والتاريخية للشعب الفلسطيني ويستند إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29 تشرين الأول عام 1947، وإعلان استقلال دولة فلسطين في 15 تشرين الثاني عام 1988، واعتراف الجمعية العامّة بهذا الإعلان في القرار 43/177 الصادر في 15 كانون الأول عام 1988. وفي هذا الإطار تعلن دولة فلسطين التزامها العمل من أجل تحقيق حلّ عادل ودائم وشامل للنّزاع الإسرائيلي الفلسطيني، يعتمد على رؤية دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمان، والتي وافق عليها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامّة للأمم المتّحدة والأسرة الدولية، وكلّ القرارات ذات الصلة التي أصدرتها الأمم المتّحدة».
والجلسة التي عقدها مجلس الأمن يوم أمس، برئاسة مندوب لبنان السفير نواف سلام، تسمى باللغة الدبلوماسية «جلسة إجراءات ذات طابع سياسي»، وهي جلسة مشاورات، من غير الواضح بعد ما إذا كانت ستنتهي بتشكيل ما يسمى بـ«لجنة الاعتمادات»، أو أنها ستنتهي فقط بالدعوة إلى اجتماع آخر، علماً بأن النظام الداخلي لمجلس الأمن يقضي بتشكيل «لجنة الاعتمادات» في إطار جلسة مفتوحة، وليس جلسة مشاورات مغلقة.
وتضم «لجنة الاعتمادات» الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، ومهمتها النظر في مدى ملاءمة الطلب الفلسطيني لميثاق الأمم المتحدة، تمهيداً لطرح الملف مجدداً أمام المجلس للتصويت عليه في غضون 35 يوماً.
يذكر أن المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة تؤكد أن «العضوية في الأمم المتحدة مباحة لجميع الدول الأخرى المحبة للسلام، والتي تأخذ على عاتقها الالتزامات التي يتضمنها هذا الميثاق، والتي ترى الهيئة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة فيها». وتشير هذه المادة أيضاً إلى أن «قبول أي دولة من هذه الدول في عضوية الأمم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن».
وأعلن سلام، بعد انتهاء الجلسة، أنه سيتم عقد جلسة رسمية جديدة غداً الأربعاء لاتخاذ قرار، اما بإحالة طلب العضوية أمام لجنة درس الطلبات في المجلس التي تضم الدول الأعضاء، الـ15 أو لا.
ويخوض الفلسطينيون معركة الاعتراف بالدولة من خلال ستة أصوات مؤكدة (الصين وروسيا والبرازيل والهند ولبنان وجنوب أفريقيا)، في مقابل معارضة الولايات المتحدة، فيما لا تزال كل من بريطانيا وفرنسيا وألمانيا ونيجيريا والغابون والبوسنة والبرتغال مترددة في موقفها، في حين أعلنت كولومبيا أنها ستمتنع عن التصويت.
ومن دون اكتمال دائرة الأصوات ستتجنب الولايات المتحدة حرج اضطرارها لاستخدام حق النقض ضد الطلب. ويرجح دبلوماسيون أيضاً أن تسعى واشنطن لإبطاء هذه العملية، ما سيكسب اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة) الفرصة لممارسة الضغوط على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وفي آخر المواقف المرتبطة بمواقف تلك الدول، حثت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل عباس، خلال اتصال هاتفي أجرته معه، على قبول اقتراح اللجنة الرباعية باستئناف المفاوضات مع إسرائيل.
بدوره، قال وزير الخارجية الصيني يانغ جي تشي إن بلاده تؤيد وجود دولة فلسطينية مستقلة تكون نتاجا للمفاوضات مع إسرائيل وفق حل الدولتين، لكنه أكد في المقابل أن الصين تدعم منح الشعب الفلسطيني العضوية في الأمم المتحدة.
من جهته، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه غير متأكد من قدرة إسرائيل والولايات المتحدة على الحصول على أصوات كافية في مجلس الأمن الدولي لمنع وصول طلب العضوية الفلسطيني إلى مرحلة التصويت.
من جهته، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إن إسرائيل لا تعارض استقلال الدولة الفلسطينية، لكنه شدد على أن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي إجراء مفاوضات سلمية مباشرة. وأشار إلى أن «الوقت الراهن هو وقت الدبلوماسية الحقيقية»، لافتاً إلى أن «إعلان اللجنة الرباعية يحدد جدولا زمنيا يدفعنا إلى بدء الحوار».
وفي غزة، اعتبر رئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية ان الدولة الفلسطينية «لا تقام بالقرارات الأممية، ولا تقام عبر المناورات، ولا عبر المساومات، بل من خلال الصمود والثبات والمقاومة».
وأضاف ان «الدولة تقام حيث تحرر وحيث تكون لك السيادة، ونحن نقول التحرير أولا، ثم الدولة»، مشيرا الى ان «الشعب الفلسطيني يقاتل منذ اكثر من ستين عاما من اجل ان يحرر ارضه ويستعيد الحقوق ويقيم الدولة». وتابع «نحن لسنا ضد دولة ودولة فلسطينية لكننا نختلف مع هذا النشاط السياسي وهذا الحراك»، متسائلاً «اي دولة يريدون وعلى اي حدود تكون ومقابل اي شروط تكون؟».