منتديات ليب مون

سلطت الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدها سجن حلبا المركزي الضوء من جديد على أوضاع السجون ونزلائها في لبنان، خصوصاً أن ما جرى لجهة فرار ثلاثة مساجين مرتبط بوضع سجنيّ طرابلس ورومية، حيث كان السجناء الثلاثة نزلاء في سجن طرابلس، قبل أن يتم ترحيلهم إلى رومية، على خلفية أحداث الشغب التي افتعلوها في العام الماضي. ومن ثم جرى نقلهم الى سجن حلبا منذ ما يقارب الأربعة أشهر.
وأثارت عملية الهروب التي شهدها سجن حلبا العديد من التساؤلات حول وضع السجن، ومنشآته، وأعداد المساجين، إضافة إلى طرح علامات استفهام حول الطريقة التي قام بها المساجين بالفرار. وقد وضعت تلك الحادثة سجن حلبا تحت المجهر. وأثارت فضول العديد من المواطنين، الذين لم يكونوا يعلمون بوجود سجن للمحكومين في حلبا. ويوصف سجن حلبا، الذي يضم حاليا 85 سجينا، بسجن «خمس نجوم»، مقارنة مع باقي السجون في لبنان، لجهة نظافته من الداخل ومساحته. إذ يضم خمس غرف، مساحة كل منها 42 مترا مربعا، وبالتالي ووفق عملية حسابية بسيطة، يتبين أن كل 16 سجيناً يتشاركون غرفة واحدة. كما أن المساحة المخصصة لكل سجين هي مترين مربعين ونصف المتر، فضلاً عن توفر المياه والكهرباء بشكل شبه دائم. ويتم الاستعانة بمولدات كهربائية لتلك الغاية. إلا أن السجن الذي أنشئ منذ أربعينيات القرن الماضي، قبل أن يعاد ترميمه في الطابق الأرضي من سرايا حلبا، كباقي سجون لبنان، بحاجة لإعادة نظر شاملة وجذرية، نظراً لحال التردي التي يعانيها في مختلف المجالات، وخصوصاً على صعيد البناء فهو بحاجة للإصلاح لأنه في الأساس غير مخصص ليكون سجنا، بل تم تحويل جزء من النظارة إلى سجن للمحكومين بجرائم لا تتجاوز عقوبتها السنة، وهو غير مؤهل لاستقبال المساجين الخطرين، نظراً لنقاط الضعف المتعددة التي يعاني منها المبنى، وتحديداً من جهة الباحة الخارجية.
كما يفتقر سجن حلبا إلى المواصفات المطلوبة في السجون، لجهة توفر الحدائق للتنزه، حيث يقتصر الأمر على باحة صغيرة ملاصقة لمبنى السرايا الحكومية، بمساحة لا تتجاوز الـ300 متر مربع. كما لا يوجد فرز بين المساجين المرضى والأصحاء، وبين الأعمار، وحسب العقوبة الجرمية. وشهد سجن حلبا في الفترة الأخيرة، القيام ببعض التحسينات على خلفية الأحداث الأمنية التي شهدها سجن رومية، التي أثارت مشاكل السجون في لبنان عموما، حيث قام المحامي العام طارق بيطار بزيارة إلى السجن، للاطلاع على أوضاع المساجين. وطلب من نقابة المحامين إعداد تقرير مفصل عن حال ووضع كل سجين. كما جرى تحويل 48 سجينا من المساجين الأجانب، ممن كانوا قد أوقفوا بتهمة الدخول خلسة إلى لبنان، منهم من كان قد مضى على وجوده في السجن أكثر من ثلاثة أشهر، علماً أن المدة التي يحددها القانون يجب ألا تتجاوز الشهر، كما تم إخلاء سبيل خمسة سجناء، وتسريع جلسات محاكمة البعض الآخر، إضافة إلى تقديم المساعدات الطبية للمرضى، ما ولّد ارتياحا لدى المساجين.
الا أن المشكلة الفعلية تكمن في قلة عدد العناصر التابعة لفصيلة درك حلبا، وللسجن، التابعين لإمرة الرائد ماجد الأيوبي، حيث لا يتجاوز عدد العناصر الاثني عشر عنصرا، أضيف إليهم أربعة عناصر منذ أشهر قليلة. وهم مكلفون بضبط الأمن في منطقة حلبا وجوارها، أي في أكثر من 24 قرية وبلدة. كما لا يتجاوز عدد العناصر في السجن السبعة. وتفيد مصادر حقوقية بـ«أن أوضاع المساجين في سجن حلبا مقبولة نسبياً، بالنسبة لباقي السجون في لبنان. كما يتم ضبط أمورهم بشكل جيد، إذ لم يسبق أن شهد السجن أي أعمال شغب. ولا تعفّ منه رائحة الفساد، وتحديداً بالنسبة لطريقة تعاطي العناصر الأمنيين مع المساجين. ولكونه صغيرا تسهل مراقبته». وتعتبر المصادر «أن المشكلة الأساس تكمن في قلة عدد العناصر، سواء في السجن أو في المخفر. كما أنه لا يجوز وضـع الموقوفـين والمتهمين والمحكومين، مهما كانت مدة الحكم في مكان واحد، لأن الموقوف يتمتع حتى تاريخ صدور الحكم ضده بمبدأ البراءة المفترضة، كما أن زجّ مختلف الفئات المذكورة مع بعضها، ومن دون التفريق بينهم على أساس الفعل الجرمي المرتكب، ومدى خطورته، لا يراعي الأساس الشخصي لمرتكب الفعل الجرمي».