منتديات ليب مون

حضر الفنان الراحل محمود مبسوط «فهمان» في المدينة الأحب إلى قلبه طرابلس، مكرماً في «مركز الصفدي الثقافي» أمس، في ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاته، فتحلق أبناء مدينته وجيله حول إنتاجه الفني الغزير الذي قدمت نماذج منه لتحكي حكاية «صاحب رسالة»، أفنى عمره في صدق تأديتها حتى الرمق الأخير، حيث غفا غفوته الأخيرة كما يشتهي على خشبة المسرح التي لطالما شكلت ميدان حياته على مدار أكثر من نصف قرن.
حضر «فهمان» في ذكرى أربعينه في طرابلس، فكان شغف اللقاء مع رفاق الدرب صلاح تيزاني (أبي سليم)، وصلاح صبح (شكري)، والمخرج فؤاد الأدهمي، وكثير من الفنانين وسائر أعضاء الفرقة التي «ملأت الدنيا وشغلت الناس»، والذين بدأوا يشعرون جديا بمرارة الفقدان وبحجم الخسارة التي خلفها وراءه، من ساهم في زرع البسمة والفرح على امتداد مساحة الوطن اللبناني والعالم العربي. كان اللقاء وجدانيا، لعب فيه محمود مبسوط دور البطولة المطلقة، فاخترقت قفشاته ومقالبه التي تحدث عنها أبو سليم جدار الأسى لتختلط ابتسامات الحاضرين بدموع الحزن، خصوصاً عندما أعلن مسؤوليته عن شخصيات فرقته، وأكد أن «فهمان» كان صادقاً، ودوداً، محباً، معطاءً، وليس كما كان يظهر في أدواره التمثيلية التي كانت تسرق قلوب المشاهدين، من دون أن يخفي عتبه الكبير والشديد على الدولة التي لا تهتم بفنانيها ومبدعيها، وتتركهم لمصائرهم في مواجهة مشكلاتهم الصحية والاجتماعية، بدلا من تأمين الحماية اللازمة لهم عبر إدخالهم على الأقل في «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي».
حضر «فهمان» في طرابلس، وحضر معه وفاء المحبين والمعترفين بالجميل، فكانت بادرة إحياء ذكراه تكريما له وليس تأبينا، لأن من هم مثل «فهمان» لا يموتون كما قال نائب رئيس المؤسسة أحمد الصفدي، الذي أكد «أننا المكرمون بتكريم من أضحك الأجيال وطبع بشخصيته التلفزيونية التاريخ المعاصر للكوميديا اللبنانية، واحتل مكانته في ذاكرتنا الجماعية والوطنية، مؤكدا أن «وطن فهمان، وأبي سليم، وأسعد، وشكري، وأبي الشباب، هو وطن الناس بهويتهم الإجتماعية، وطن لا أهمية فيه للانتماء الطائفي بل للقيم الإنسانية». وأضاف: «فاجأنا «أبو الفهم» برحيله لكنه رحل كما يشتهي فوق خشبة المسرح، مشددا على أنه «من حق فهمان علينا أن نتضامن في ذكراه مع حقوق الفنانين اللبنانيين، ونطالب بتطبيق القوانين التي تحميهم، ومن حق كل لبناني أن تضمن الدولة له شيخوخته بعدما يكون قد أمضى حياته في العمل. ومن حق كل فنان أعطى مجتمعه من عقله وروحه أن يحميه المجتمع في سنوات تقاعده. وليس من الطبيعي أبداً أن يضطر الفنان في شيخوخته أو فترة مرضه للعمل فوق طاقته الجسدية ليحصّل لقمة عيشه»، لافتاً إلى أن «المجتمع المتوازن هو الذي تتساوى فيه حقوق المواطنين من دون تمييز».
حضر «فهمان» في طرابلس في ذكرى أربعينه. وحضرت معه الرعاية الرسمية عبر وزارة الثقافة، في بادرة تبشر بالخير، حيث أكد ممثلها طوني ماروني على أن «الكلمات تعجز عن التعبير لأن فهمان لا يمكن اختصاره في كلمات، فقد ترك الراحل الكبير تراثاً لا يموت، نفرح لأننا تربينا عليه، مؤكدا أن «فهمان ظاهرة فنية وثروة وطنية».
حضر «فهمان» في طرابلس فكان في استقباله الإطار النقابي المتمثل بنقابة ممثلي المسرح والاذاعة والسينما في الشمال، النقابة الأم التي احتضنت الفن اللبناني منذ البدايات، فاحتضن مجلس النقابة مجتمعا برئيسه شربل نعيمي ونائبه نزيه قمر الدين والأعضاء واحدا من المبدعين. وقدم النعيمي شهادة في فهمان النجم، ضمن فرقة كبيرة وضعت بصماتها على الفن اللبناني بعفوية وصدق، وصنعت كوميديا الفن الشرقي، مستشهداً بما قاله عنها المخرج اللبناني الكبير أنطون س. ريمي عن الفرقة: «ظاهرة فنية وفهمان كتلة مواهب».
كما كانت قصيدة لعضو النقابة الشاعر مطانيوس بو ملحم، تضمنت شهادة في الفنان الراحل