منتديات ليب مون

كشفت الصحف التركية أمس عن جوانب مما جرى في الاجتماع المطول بين وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو والقيادة السورية، وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد. وركّزت وسائل الإعلام على أن داود اوغلو قد «أوصل الرسالة» والمتمثلة في ضرورة وقف العنف واتخاذ إجراءات إصلاحية و«خلال أيام».
ومن الواضح أن داود اوغلو قد حرص على إبقاء ما جرى خلال اللقاء طي الكتمان، كما أن المصادر السورية لم تفصح عن الكثير عن هذا اللقاء.
وقد عنونت الصحف التركية صفحاتها الأولى على النحو التالي: نصيحة الست ساعات(حرييت)، بقيت أيام وليست شهوراً (صباح)، الإصلاح حالاً (راديكال)، تحذير مهم إلى الأسد: كل يوم يمر مهم جداً (ميللييت)، قلناها بصراحة وننتظر لنر (ستار) أوصلنا الرسالة إلى الأسد وننتظر (تركيا)، أوصلنا رسالة تركيا (يني شفق)، الأمن أولاً ثم الإصلاح .. لا يستقيم (زمان).
وعكست الصحف المناخ المتوتر الذي صادف بداية الزيارة من خلال «العيب البروتوكولي» المتمثل باستقبال داود اوغلو على المطار من قبل نائب وزير الخارجية وليس وزير الخارجية وليد المعلم. وقالت الصحف إن الإشارة الأولى على بدء تراجع مناخ الاحتقان هو مبادرة الأسد إلى تهنئة داود اوغلو بانتخابه للمرة الأولى نائباً في البرلمان التركي. وهنا باشر داود اوغلو أولى «دروسه» بالحديث عن النظام البرلماني في تركيا، وكيف أنه من الصعب في تركيا أن تقوم بمهماتك جيداً كوزير من دون أن تكون نائباً.
وتنقل صحيفة «راديكال» إن داود اوغلو قال للأسد إنه «إذا عملت على ضمان الأمن أولا ثم الإصلاح، فإن الإصلاح لن يتحقق أبداً. الإصلاح يجب أن تقوم به ليس خلال أشهر أو أسابيع بل خلال أيام. الوقت أمامك ضيق. ولم نعد نستطيع تحمل الانتظار. والخيار الوحيد هو نظام التعددية الحزبية».
وحين قال الأسد لوزير الخارجية التركي إننا نقوم بعمليات ضد المسلحين وليس ضد الشعب، أجابه داود اوغلو «هل 300 مسلح يمكن أن ينجحوا في العبث باستقرار هذه السوريا العظيمة؟».
وهنا اقترح داود اوغلو على الأسد أن يعزل المسلحين عن الشعب، وأن يشكل تنظيماً خاصاً بالشرطة. وقال للأسد إن الغرب لن يصمت كما تركيا على مسألة حقوق الإنسان. وقال له «يجب أن تكسب ثقة الشعب. لكن في الديموقراطيات الأساس هو أن يثق الشعب بالنظام، وليس بالأشخاص. ويجب أن تؤسس هذا النظام بإصلاحات عاجلة».
ونقل عن داود اوغلو قوله للأسد إنه إذا لم تتوقف عمليات القتل ضد المدنيين فإن العلاقات التركية السورية ستواجه قطيعة. ورد الأسد بالقول إنه لا يمكن إظهار الشفقة تجاه «الإرهابيين».
وسخّف داود اوغلو مقولة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بقوله للأسد انه لم يعد لها معنى في عالم اليوم، لكن «نحن لا نريد التدخل في شؤونكم الداخلية، لكن عليكم انتم أولاً أن تقنعوا شعبكم في مسألة الانتقال إلى الديموقراطية».
وانكبّ محللون نفسيون على «تحليل» الصورة التي وزّعت عن لقاء الأسد - داود اوغلو. فنسبت صحيفة «ميللييت» إلى احد المحللين قوله إن الصورة تعكس جليداً في لغة التواصل بين الرجلين، وأن جسدي الرجلين كانا هناك لكن روحهما كانت في مكان آخر. وقال المحللون إن الأسد كان متجهماً ومشدود الأعصاب ورجلاه ملتصقتان ببعضهما جداً وثابتة وأشبه بقنبلة جاهزة للانفجار في أي لحظة، وكان كل واحد يصغي لمجرد الإصغاء، وليس لشيء آخر.
ووصف الباحث أفق اولو طاش زيارة داود اوغلو بأنها لا تختلف عن مثيلاتها السابقة. وقال «نحن نعمل للإصلاح في سوريا لكن لجهودنا حدوداً. الأسد يشعر بثقة بأن سلطته لن تهتز. والمعارضة في وضع متشرذم. والظروف الدولية غير ملائمة لتدخل دولي».
أما الباحث المعروف حسن قوني فيقول إن قلق تركيا الأساسي هو أن يحصل حكم ذاتي للأكراد في سوريا كما حصل في العراق. والقلق الثاني هو تصاعد التوتر المذهبي السني - الشيعي في المنطقة، وعلى تركيا أن تجد للأسد طريقاً للخروج من الأزمة. واعتبر أن تركيا تشكل سياساتها تبعاً للموقف الغربي.