منتديات ليب مون

ربما يضيع لبنان بالنسبة إلى عدد كبير من سكان العالم على خريطة الكوكب، ولكن، إذا ما أريد التعريف عنه، لا بدّ أن تكون أسهل الطرق القول إنه "بلد فيروز". تلك التي "تحمل صوتها وتمشي ع طول" والتي ما زالت تعد جمهورها العالمي بإطلالات مدروسة، كرّست أيقونة الفن اللبناني والعربي والعالمي على حدّ سواء. وتلك التي تقف وعيناها مسمرتان على جمهور اختلطت جنسياته لكن حماسته هي دائماً واحدة، لصوت أكبر وأوسع من عشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومتراً مربعاً... وتلك التي لم يعد الكلام عنها يأتي بجديد. طبعت لبنان بفنها كما طبعه فنانون كثيرون، اختارت منهم وزارة الاتصالات الرائعة صباح والفنان وديع الصافي والراحل حسن علاء الدين (شوشو) وكبير المسرحيين نبيه أبو الحسن (أخوت شناي) وفرقة كركللا، كما النحاتين الإخوة بصبوص والشاعر سعيد عقل، فأصدرت باسمهم وبصورهم طوابع تكرّسهم رموزاً للبنان بوجهه الثقافي والحضاري. والخطوة التي كان وزير الاتصالات السابق، والعمل الحالي، شربل نحاس قد خطّط لها، توّجت بالأمس في احتفال شهدته وزارة الاتصالات، وحضره الصافي ببذلة بيضاء، تذكّر برؤساء الجمهوريات في يوم القسم، والفنانة صباح بثوب زهري أضاء وجهها ووجوه الناظرين إليها بفرحٍ منحته لأبناء بلدها بكرم كبير منها.. بالإضافة إلى الفنان عبد الحليم كركللا، ومحمود ووليد ابو الحسن عن عائلة نبيه أبو الحسن، وخضر حسن علاء الدين، وفادي واناشار ونبيل بصبوص. فيما تغيّبت فيروز، أو من ينوب عنها، لأنها حملت، هذه المرة أيضاً، صوتها، لتحيي حفلات في هولندا حيث حماسة الجمهور الهولندي لم تختلف عن حماسة الجمهور اللبناني الذي كان على موعد معها قبل أكثر من تسعة أشهر. الخطوة التي تأخرت عنها الدولة اللبنانية لعقود من الزمن، تعتبر الأولى كتكريم رسمي لهؤلاء الفنانين، وقد أضيف إلى طوابعهم، طابعان آخران لمؤسستين هما "اللجنة العربية الدائمة للبريد" و"معهد الأبجدية". وتتراوح قيمة الطوابع التي صممتها هبة مكداشي، ما بين خمسمئة ليرة لبنانية وعشرة آلاف ليرة، وسيطرح من كل منها مليون ونصف مليون نسخة. وقد حضر حفل الإطلاق ثلاثة وزراء هم نحاس، ووزير الاتصالات الحالي نقولا صحناوي، ووزير الثقافة كابي ليون. وقد تحدثوا تباعاً، فقال ليون متوجهاً إلى الفنانين: "أمام أسمائكم تصغر كل الألقاب، انتم وجه لبنان الجميل، انتم وجه لبنان الذي نطل به على العالم. جمالكم يمحو القبائح لدينا وما أكثرها يا للأسف". فيما لفت نحاس إلى ان هذا الاصدار "هو محاولة لاعادة الذاكرة، وكل واحد من المكرمين من اعلام الثقافة والفن كان له دور كبير، فهو صنع جزءا من تراث لبنان، هذا التراث الذي بقي على الرغم من انهيار الدولة. التراث يُصنع، ونحن شعب يجد صعوبة كبيرة للنظر الى نفسه بالمرآة. من نكرمهم، هم أناس صنعوا ما يبدو لنا اليوم انه تراث، صنعوه في الوقت الذي استمدوا مواضيعه من مجتمع كان ريفيا بغالبيته، وكان يزول باطراد. هم اعادوا انتاج صورة عنه اضحت تراث لبنان. التراث يُصنع، والذاكرة تُستعاد، ونحن لم نستعد بعد ذاكرة تاريخنا القريب، بمرارته ومآسيه، إنما ايضاً بطموحاته وتضحياته. هذا الخجل امام ذاكرتنا معيب وقاتل لأنه من دون صنع التاريخ ومن دون استعادة الذاكرة، هناك اقنوم ثالث يشبه الذاكرة والتراث، هو الدولة التي لا تستعاد اذا لم توحد ذاكرة من يؤمنوا بشرعيتها وضرورتها، والتي لا تستعاد اذا لم تؤطر كل المواطنين في اطار مرجعيات جامعة بينهم، ومن ابرزها هذه الذكريات الجميلة". أما صحناوي فاعتبر أن "هذه المبادرة تدل على أن هناك من لا يزال يتعب ويسهر لإحياء هذه الهوية اللبنانية، الهوية الواحدة في مواجهة الهويات، والثقافة الواحدة في مقابل الثقافات التي يوظفها الخارج لقسمتنا. وهذا مسار لا بد منه اذا اردنا النهوض بلبنان". وكان الاحتفال قد استهل بعرض وثائقي عن أعمال الفنانين أعدته وزارة الاتصالات بمساهمة من شركة "ليبان بوست" بعنوان "طوابع بحبر كبار

لقاء الشوق في الوزارة بين الصبوحة والصافي