منتديات ليب مون

إذا صح ما أعلنته تيارات وقيادات 14 آذار في محافظة الشمال عن عدد الآليات والمركبات التي سيّرتها الى ساحة الشهداء في يوم 13 آذار، وبعد الاحصاءات الدقيقة التي أجرتها بعض المؤسسات والأجهزة الأمنية حول إجمالي عدد المشاركين، لجاز القول بأن «شمال المعارضة الجديدة» قد أوفد أكثر من العدد الموجود في الساحة بضعفين على الأقل، حيث بدا واضحا أن ثمة منافسة جدية بين هذه القوى على إظهار حجم مشاركتها في هذا الاستحقاق، فتضمنت تقاريرها أرقاماً خيالية، لا سيما على صعيد بعض البلدات الشمالية الصغيرة التي ظهر جلياً أن ما ورد في هذه التقارير حول أعداد المشاركين منها قد يفوق حجم سكانها.
الثابت شمالياً في 13 آذار 2011 أن المشاركة الشعبية حصلت، لكنها تفاوتت بين منطقة وأخرى، بفعل مستجدات ومتغيرات فرضت نفسها على الواقع السياسي في هذه المحافظة، لا سيما بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة ووقوف الوزير محمد الصفدي الى جانبه.
والثابت أيضا، أن الحجم الاجمالي لهذه المشاركة لم يرتق الى الحجم الذي كان عليه في سنوات سابقة، وذلك بفعل إحجام «خزانات شعبية» كبرى، بعضها أقفل على المعارضة الجديدة، وبعضها الآخر إما نضبت أو تسربت محتوياتها الى اتجاهات أخرى، حيث وجد «تيار المستقبل» صعوبة في إقناع القواعد الشعبية بالمشاركة، بعدما اصطدم بحاجز عدم الايفاء بالوعود، ورفض الكثير من المؤيدين ان يكونوا مجرد أرقام وأعداد تستخدم في الاستحقاقات فقط وعند الضرورة.
فقد شكلت العاصمة الثانية، ممراً لكل الوفود القادمة من عكار والمنية والضنية وزغرتا، فشهدت شوارعها زحمة سير خانقة، لكنها في الوقت نفسه لم تكن مقراً لانطلاق أبنائها الى ساحة الشهداء، فافتقدت المدينة تجمعات كبرى كانت تشهدها خلال السنوات الماضية لأنصار ومؤيدي ميقاتي والصفدي اللذين كانا يسيّران مئات الباصات الى بيروت من مناطق معرض رشيد كرامي الدولي والميناء وأبي سمراء والزاهرية التي بدت هادئة جدا على غير عادتها في مثل هذه الاستحقاقات، كما بدا واضحا أن عددا لا يستهان به من أبناء طرابلس عموما ومؤيدي تيار المستقبل خاصة قد أحجموا عن المشاركة لأسباب عدة أبرزها:
أولا: الاحتجاج على عدم زيارة الرئيس سعد الحريري الى طرابلس، وعدم تحريك ساكن من قبله لجهة إطلاق عجلة المساعدات والخدمات في المدينة.
ثانيا: تحييد السواد الأعظم من أبناء المدينة أنفسهم عن المشاركة، وعن الوقوف طرفاً، علناً، مع أي جهة، انطلاقا من مراعاة تحالف ميقاتي ـ الصفدي.
أمام هذا الواقع، اقتصرت المشاركة في طرابلس على المقربين من تيار المستقبل في التبانة والقبة، كما سجل حضور لافت للانتباه للنائب محمد كبارة الذي سيّر عشرات الباصات والسيارات، بمعزل عن ماكينة «المستقبل»، فضلا عن مشاركات متفرقة أبرزها للنائب السابق مصباح الأحدب.
ولا يختلف اثنان على أن قرى وبلدات عكار شكلت رافعة حقيقية في مشاركة منطقة الشمال في مهرجان ساحة الشهداء، وقد ترجم ذلك الجهد الكبير الذي بذله تيار المستقبل وقوى 14 آذار في المناطق الإسلامية والمسيحية من خلال اللقاءات والزيارات اليومية التي قام بها نواب وقيادات المستقبل وترافقت مع خطابات عالية النبرة من التجييش والشحن السياسي والمذهبي تحت شعار «لا للسلاح غير الشرعي» و«نكون أو لا نكون»، ورغم ذلك يمكن القول إن عكار شاركت بنصف العدد الذي انطلق من محافظة الشمال عامة.
وأرخت التحولات السياسية التي أفرزتها الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية الفرعية بثقلها على حركة تيار المستقبل في قضاء الضنية ـ المنية، فرؤساء البلديات الـ23 ومن يلف لفهم ويدور في فلكهم من مخاتير وجمعيات وهيئات ومواطنين والذين اعتذروا عن لقاء الرئيس سعد الحريري في العاصمة، كانوا حتماً خارج المشاركة في مهرجان 13 آذار، ما دفع التيار الى بذل جهود مضاعفة لم يكن يحتاج إليها في سنوات خلت، لتأمين حشد يليق بسمعته في الضنية، فنجح في بلدات وأخفق في أخرى لتكون المشاركة أقل بكثير من الاستحقاقات الماضية.
أما في المنية فسجلت مشاركة واسعة من قرى وبلدات المنطقة، في وقت بدت فيه المدينة أقل حماسة.
زغرتا وبشري
في زغرتا غاب التنسيق بين قوى 14آذار، في ظل وجود رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض في فنزويلا، وعدم اهتمام الوزيرة السابقة نايلة معوض بالتنظيم الذي تركته لبعض الكوادر الشابة، وذلك بمعزل عن الحليف جواد بولس الذي لم يشارك أيضا في اللقاءات التحضيرية، لذلك لم تكن مشاركة الحركة على قدر التوقعات، وذلك على عكس القوات اللبنانية التي بذلت مجهوداً كبيراً لإظهار حضورها في زغرتا من خلال دعوة كل مناصريها الى المشاركة، لا سيما في رشعين ومزرعة التفاح وعلما وبعض بلدات الجرد.
ولم تأل قيادة القوات اللبنانية جهداً في حشد مناصريها في عقر دارها بشري فاستنفرت بلدياتها الثماني ومخاتيرها في أعمال التنظيم وتسجيل السيارات، وجاءت مشاركتها على غرار السنوات الماضية.
الكورة والبترون
كذلك شكلت الكورة ممراً إلزامياً للمشاركين من بشري فشهدت شوارعها حركة ناشطة خلال ساعات الصباح، وهي شاركت من خلال بعض البلدات والقرى المحسوبة على قوى 14 آذار، لكن الاحصاءات التي أجريت أظهرت ان مشاركة الكورة لم تكن بحسب توقعات قيادات هذه القوى.
وتضافرت جهود النائب بطرس حرب والقوات اللبنانية والكتائب في البترون مشاركة كثيفة على غرار مشاركات السنوات الماضية، إلا أن الاحصاءات التي قامت بها هذه اللجان أكدت «أن البترون سجلت أعلى مشاركة في تاريخ مهرجانات 14 آذار».