منتديات ليب مون

شهر آذار هو الشهر العالمي للتوعية حول سرطان القولون والمستقيم، الذي يسجّل، بحسب إحصاءات «منظمة الصحّة العالميّة»، رابع أخطر السرطانات في العالم، حيث يؤدّي إلى وفاة ستمئة وعشرة آلاف شخص سنويّاً في العالم.
وفي لبنان، وبحسب السجل الوطني للسرطان الصادر في العام 2007، تسجّل سنويّاً 497 إصابة جديدة بسرطان القولون، و129 إصابة جديدة بسرطان المستقيم.
يشكّل القولون والمستقيم الجزءين الأخيرين من الأمعاء الغليظة في الجهاز الهضمي، فيمتصّ القولون ما بقي من ماء ومواد غذائيّة في الطعام، ويحتفظ المستقيم بالفضلات. وينتج مرض سرطان القولون والمستقيم، من نمو وتكاثر غير منضبط للخلايا في الأمعاء الغليظة.
لم تتضّح، حتى اليوم، الأسباب المباشرة للإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم، لكنّ ظهور بعض الأورام الصغيرة التي تدعى السلائل (Polyps) في تلك المنطقة، يشكل العامل الأبرز لنمو مرض السرطان، حيث يتحوّل بعض تلك الأورام إلى أورام سرطانيّة مع مرور خمس أو سبع سنوات على عدم معالجتها.
في هذا الإطار، يشدّد رئيس قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى «أوتيل ديو» البرفسور جورج شاهين، ضمن الندوة التثقيفيّة للإعلاميين حول سرطان المستقيم والقولون التي نظمتها شركة الأدوية «هوفمن لاروش» السبت الفائت، على ضرورة إجراء جميع الأفراد بعد سن الخمسين لتنظير القولون، الذي يساعد في الكشف المبكر عن تلك السلائل، وبالتالي إستئصالها قبل أنّ تتحوّل إلى ورم سرطانيّ. أمّا في حالة وجود إصابات بسرطان القولون في العائلة فينصح شاهين الأشخاص بالخضوع للتنظير قبل عمر الخمسين.
يعتبر التقدّم في العمر، ووجود حالات إصابة في تاريخ العائلة، وأمراض الأمعاء الالتهابيّة كداء «الكرون» أي الالتهاب المزمن للإمعاء، والسمنة، وقلّة النشاط الجسدي، وعدم ممارسة الرياضة، والإسراف في تناول الوجبات الغذائيّة الدسمة، من أهمّ العوامل التي تزيد من خطرالإصابة بسرطان القولون والمستقيم. من هنا، يلفت شاهين إلى ضرورة اعتماد نظام الوقاية، من خلال تناول الأطعمة الغنيّة بالألياف كالخضار، والتغيير في نمط الحياة.. ولكن، لم تبرهن الدراسات العلميّة حتّى اليوم وجود علاقة مباشرة بين التوتّر النفسي والعصبي وظهور سرطان القولون.
وبالنسبة إلى العوامل الجينيّة الوراثيّة فتعود نسبة اثنين في المئة من سرطان القولون والمستقيم إلى تغييرات في جين «HNPCC»، كما تسبّب الطفرات في جين «APC» إلى ظهور السلائل، التي إن أهمل استئصالها، تؤدّي إلى نمو السرطان.
وتشمل أعراض سرطان القولون والمستقيم، الشعور بآلام متكرّرة في منطقة البطن، ووجود آثار دمّ في البراز، وحالات من الإسهال والإمساك، والشعور بالإرهاق المتواصل، وفقدان غير مبرّر للوزن. ولكن، لا تشير تلك الأعراض حتما إلى الإصابة بمرض السرطان، فقد تعود إلى أمراض أخرى، ولذلك، تعتبر ضرورية استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة، من تحليل للبراز وتنظير للقولون.
ويشهد الطبّ تطوّرا ملحوظا في مجال علاج سرطان القولون والمستقيم، الذي يرتكز أساسا على العمل الجراحي، يتبعه علاج كيميائيّ يمنع بنسبة ثلاثين في المئة انتقال المرض إلى أجزاء مختلفة في الجسم.
وفي الحالات المتقدّمة، حيث يصيب المرض أعضاء أخرى كالكبد أو الرئة، فيشير شاهين إلى أنه، بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، توفرت مقاربة جديدة في علاج السرطان، ترتكز على العلاجات الموجهّة التي تعمل على وقف مدّ الأورام بالغذاء، والحدّ من تكاثر الخلايا السرطانيّة. ولا يستخدم العلاج الشعاعي إلا في علاج سرطان المستقيم.
أمّا بالنسبة إلى نسب الشفاء فيضمن علاج المرض بمراحله المبكرة لنسبة ثلاثة وتسعين في المئة من المصابين به البقاء على قيد الحياة لمدّة خمس سنوات أو أكثر، بينما تنخفض تلك النسبة إلى ثمانية في المئة في الحالات المتقدّمة التي بلغت المرحلة الرابعة من المرض.
يلحظ شاهين أنّ معظم الحالات في لبنان يتمّ تشخيصها في مراحل متقدمّة، ما يستدعي التركيز على أهميّة خضوع الرجال والسيدات الذين تجاوزوا الخمسين في العمر لفحص منظار القولون، الذي يُنصح بأن يُجرى مرّة واحدة في كلّ عشر سنوات.