منتديات ليب مون

يعتقد الكثير من اللبنانيّين أنّهم لا يعانون نقصاً في معدّل الفيتامين «د» في أجسامهم، مبررين ذلك بتعرّضهم الدائم للشمس. إلا أن الدراسات العلميّة أثبتت أنّ نسبة كبيرة من اللبنانيين تعاني نقصا في معدّل الفيتامين «د» الذي يثبّت مادة الكالسيوم على العظام، وبالتالي يؤدّي إلى حمايتها.
وقد أكّدت دراسة أجرتها في العام 2009 الدكتورة غادة الحاج فليحان من المركز الطبي في «الجامعة الأميركية في بيروت»، وتشكّلت عينة بحثها من ثلاثمئة وستّة عشر شخصاً بالــــغاً، النقص في معدّل الفيتامين «د» في دول المنطقة. وكشـــفت أنّه في لبنان، تعاني نسبة أربعة وثمانين في المئة من النساء وثمانية وأربعـــين في المئة من الرجال من النقص في معـــدّله الذي انخفض إلى ما دون اثني عــــشر نانوغراماً في الملــــيلتر، علـــماً بأنّ المعدّل الطبيعي هو ثلاثون نانوغراما في المليلتر.
أمّا الأطفال والمراهقون فتلحظ الدراسة معاناة نسبة اثنين وثلاثين في المئة من الفتيات بينهم واثني عشر في المئة من الذكور، نقصاً في الفيتامين «د». كما سجّلت نسبة سبعة وثلاثين في المئة من الرجال المسنّين ونسبة ستّة وخمسين في المئة من النساء في الثالثة والسبعين من العمر، معدّلا منخفضا للفيتامين «د»، لا يتجاوز العشرة نانوغرامات في المليلتر. وقد شملت عينة البحث أربعمئة وثلاثة وخمسين مسنّا.
ولتسليط الضوء على مشكلة نقص الفيتامين «د» عند الأفراد في المجتمع اللبناني، نظّم «المركز الجامعي للصحّة» في «جامعة القديس يوسف»، يوماً طبيّاً محوره دور الفيتامين «د» في الجسم ومصادره الغذائيّة. ويأتي النشاط، بحسب مديرة المركز هيام قاعي، ضمن الخدمات الصحيّة الوقائيّة المتعدّدة التي يوفّرها المركز لشرائح المجتمع.
أضرار نقصه... وآلية تعويضه
لا عوارض لافتة تشير إلى النقص في معدّل الفيتامين «د»، لكنّه يتسبب بأوجاع في المفاصل والعضلات، وبمرض ترقّق العظم. وتعالج الدراسات الحديثة، بحسب الاختصاصية في طب العائلة في مستشفى «أوتيل ديو» الدكتورة كلودين نصر الحاج، علاقة الفيتامين «د» بأمراض القلب، وسرطانات الثدي والبروستات، ومرض الاكتئاب.
فتعيد تلك الدراسات مشكلة الانخفاض في معدّل الفيتامين «د» في منطقة المشرق العربي إلى نسبة التلوّث التي تحدّ من امتصاص الأشعة فوق البنفسجيّة، وإلى عامل زيادة الوزن الذي يؤدّي إلى تخزين الفيتامين «د» في دهون الجسم وتحول دون توزيعه بواسطة الدمّ، كما تردّه إلى لون البشرة في تلك المجتمعات. فالبشرة ذات اللون الداكن، في حال تعرّضها للشمس، تنتج الفيتامين «د» بمعدّل أقلّ مما تنتجه البشرة ذات اللون الفاتح. وتشير الحاج إلى أن «بعض الدراسات تفترض وجود عوامل جينيّة في مجتمعات الشرق الأوسط كمصر وتركيا، لكن ليس لبنان، تؤدّي إلى خلل في مستقبلات الجلد لأشعة الشمس، وهي المصدر الأساسي للفيتامين «د»، وبالتالي إلى خلل في فبركة ذلك الفيتامين في الجسم».
وتنبّه الدكتورة غريس أبي رزق من «مستشفى أوتيل ديو»، إلى ضرورة استشارة طبيب العائلة الذي يحدّد ضرورة إجراء فحص دم لمعدّل الفيتامين «د». وتشكّل نتيجة الفحص المعيار الأساسي لمدّ الجسم بمتمّمات الفيتامين «د»، والكميّة المطلوبة للعلاج. يذكر أن النساء الحوامل والمرضعات، والنساء المحجّبات أو اللواتي يستعملن المراهم الواقية من الشمس بطريقة مفرطة، والأطفال الحديثي الولادة، يشــكلون الفئات الأكثر عرضة لنقـصٍ في معــدّل الفيتامين «د».
وتذكر اختصاصيّة التغذيّة إيلين داوود بأنّ كميّة الفيتامين «د» المطلوبة في اليوم تتراوح بين ثمانمئة وألف وحدة دولية. وتعتبر الأسماك كالسلمون والتونة والحليب المدعّم بالفيتامين «د» والبيض، الأغذية الأكثر غنى بالفيتامين «د». فيؤمّن شراب كوب من الحليب المدعّم به نسبة عشرين في المئة من الحاجة اليوميّة إليه، لكن يبقى التعرّض للشمس لمدّة ربع ساعة يومياً في الفترة الممتدة بين الساعة الحادية عشرة والرابعة من قبل الظهر، من أهمّ مصادر الفيتامين «د» للجسم.
وتلــفت أبي رزق إلى عــــدم وجوب تناول الأغذية الغنية بالفيتامين «د» أو المتمّمات، مع القهوة: «لأن مادة الكافيين تحدّ من امتصاص الفيتامين «د» في الجسم».
على مستوى آخر، تلفت رئيسة قسم العلاج الفيزيائي في «المركز الجامعي للصحّة» جيسي فيصل إلى أنّ «الحركة الجسديّة تنشّط الدورة الدمويّة في الجسم، وبالتالي تزيد من نسبة امتصاص الفيتامينات»، ما يعني أن «ممارسة الرياضة والجلوس والنوم بطرق سليمة، هي نشاطات تحمي العظام من التشوّهات التي قد تصيبها