منتديات ليب مون

انضم نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف أمس إلى المطالبين بوقف بث الإعلانات التلفزيونية لما يسمى «الأعشاب الطبية» والمتممات الغذائية ومنع تصنيعها، كاشفا أن «وراء الحملات الإعلامية عمليات تبييض أموال تتم عبر تغطية أثمان برامج إعلانية على عدد من المحطات التلفزيونية». ودعا أبو شرف «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع إلى تحمل مسؤولياته والسهر على تطبيق القانون»، مبديا أسفه إزاء عدم استجابة الجهات المعنية للمراجعات التي أصبحت «شبه يومية مع مجلس النواب».
قبل ابو شرف، تحدث وزير الصحة محمد جواد خليفة عن «قطبة مخفية» في موضوع الإعلان والإتجار بالمتممات الغذائية عندما كشف في مؤتمر صحافي خصصه للقضية ان حجم الاستيراد في القطاع لم يتجاوز المئة وسبعين الف دولار في العام الواحد، فيما يصل حجم حملاته الإعلانية إلى عشرة ملايين دولار سنوياًً. ويومها رد خليفة على الصحافيين الذين سألوه إلى ماذا يلمح، وهل يقصد ان القطاع يغطي انشطة لا مشروعة بالقول «مش شغلتي»، تاركاً للمواطنين مهمة البحث عن المسؤول في دوائر الدولة «السلسة» والشفافة.
وعلى الرغم من أن المروجين لما يسمى «الأعشاب الطبية» والمتممات الغذائية معروفون في لبنان، وأن وجوههم وأسماءهم تحتل الشاشات، جهارا نهارا، بملايينهم، ويقتحمون منازل المواطنين في ساعات بث لا تنتهي. كما أن لافتات إعلاناتهم العشوائية تلوث الطرقات. إلا أن المتابع لتصريحات المسؤولين في الدولة يشعر كأن المعني بملاحقة ومحاسبة المتاجرين بصحة المواطن هو «راجح»، من المسرحية الرحبانية الشهيرة.
و«راجح» الدولة هذا من المفترض انه مسلح بالأدوات القانونية اللازمة المتمثلة بتعديل المادة 37 من القانون الرقم 367 (قانون مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان) بتاريخ 6 آذار 2010 (نشر في العدد 12 من الجريدة الرسمية بتاريخ 11/3/2010)، الذي يحظر الإعلام والإعلان عن المتممات الغذائية، ويحصر تسويقها وإنتاجها وتعديل تركيبتها واستيرادها وتخزينها وتسويقها بالصيادلة، كما بيعها بالجملة أو بالمفرق، بالإضافة إلى القانون 382/94 الذي يسمح بإقفال المؤسسات الإعلامية المخالفة لمدة ثلاثة أيام كبداية.
ولدى التمعن في القانون والجهات المعنية بتطبيقه، يتبين ان كل دائرة من وزارات الدولة المعنية لديها «راجحها» الخاص. فوزارة الصحة تنفي منحها تراخيص لأي جهة، مطالبة من لديه ترخيص بإبرازه، ثم يعود المعنيون فيها إلى إصدار قرار يقضي بإلغاء رخصة استثمار احد معامل المتممات الغذائية وألأعشاب الطبية.
ومع إلغاء رخصة التصنيع يُبرز أصحاب الشأن ترخيصاً من وزارة الصحة نفسها بإدخال ستة عشر صنفاً من بينها ثلاثة على ألأقل جرى منع تسويقها في لبنان، وصدر قرار من الوزارة نفسها بمصادرتها من الأسواق عبر مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد. ويخرج المسؤولون ليقولوا ان الأصناف الممنوعة في كل من السعودية والإمارات وعدد من دول الخليج ليست مصنعة في لبنان، من دون الإشارة إلى ان الضرر الذي يقع على صحة المواطن يعود إلى تسويقها في لبنان وليس إلى إنتاجها فيه، ما دام إدخالها مسموحا وفقاً لقرارات جهات فنية مختصة في الوزارات.
ولإنصاف المواطنين، وليس تجار الأعشاب ومدّعي الطب، يجب القول ان إصدار قرار بإقفال معمل زين الأتات بالشمع الأحمر، الذي اتخذ القرار في لجنة الصحة النيابية أمس الأول، لا يحل المشكلة، إذ أكد نقيب الصيادلة زياد نصور لـ«السفير» أن النتائج الأولية للتحاليل التي أجرتها النقابة على ثلاثين صنفاً من المتممات الغذائية وما يسمى الأدوية الطبيعية العشبية، وأثبتت احتواءها على مواد تؤذي صحة وقلب الإنسان، لا تعود كلها لمنتجات زين الأتات، بل هناك صنف او صنفان منها يعودان له، فيما تم استيراد البقية لصالح تجار اخرين في لبنان.
وإذا كانت وزارة الصحة قد طلبت سحب 38 منتجاً ممنوعاً وفقاً للائحة السعودية من منتجات زين الأتات، فإن تنفيذ القرار في كافة «الفروع والمناطق» لم يتحقق بعد، كما أن المحال التي تبيع المستحضرات الممنوعة بدأت تقنع زبائنها بأن المنتجات الممنوعة مزورة، وأنها مستعدة لتأمين الخلطة الأصلية من المنتج.
وما يزيد الأمر تعقيداً هو الفلتان الحاصل على صعيد استيراد «المتممات الغذائية» و«الأدوية العشبية»، فأين الدور الرقابي للجهات المعنية من وزارات الصحة والاقتصاد والعدل؟ ولماذا لا تقوم نقابتا الصيادلة والأطباء كل بدورها الاحتجاجي والرقابي في آن، متسلحتين بالمادة 37 من قانون مزاولة الصيدلة؟ ولماذا لا يتم جمع عينات من كل المتممات الغذائية والأعشاب من الأسواق وإخضاعها لفحص دقيق وتصنيفها وفقاً لمحتوياتها ما بين ممنوع ومسموح ومستوف للشروط، ومحظور عالمياً، وإصدار قرارات نهائية بمنعها، والأهم وضع الآليات اللازمة لتنفيذ القرارات؟.
وفي موضوع منع الإعلانات وفقاً للقانون، تتقاذف المسؤولية الجهات التالية كلها: وزارات الإعلام والصحة والعدل والأمن العام والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسوع، فيما يبدو أن توزيع ملايين الدولارات، التي تتراوح بين عشرة ملايين وعشرين مليون دولار سنوياً، على شكل إعلانات للشاشات التي يتقاسم ملكيتها المسؤولون في البلاد، هي التي تغرق القانون في غياهب النسيان.
تارة، يقول الأمن العام ان البث الفضائي ليس من صلاحياته، فماذا عن الأرضي؟ وطورا، يخرج وزير الإعلام ليشير إلى ان المراسيم التطبيقية للقانون لم توضع بعد وبالتالي يتعذر التطبيق نسبة إلى نوعية العقوبات. وفي مرات أخرى، يتذرع المجلس الوطني للإعلام بأن مهمته استشارية واقتراحية وانه لا يملك الأدوات التنفيذية، فيما تُبرز وزارة الصحة الكتب التي أرسلتها إلى الأمن العام تطلب فيها التدقيق في محتوى الإعلانات والتأكد من السماح بتسويق المنتج المعني قبل السماح بالبث... ثم تعود الحلقة المفرغة الى حيث انطلقت.
وبعدما ينهي كل مسؤول جولته التنصلية من القدرة على تنفيذ القرارات الموجودة، يعلن للملأ النتيجة التي توصل إليها :«ليس هناك من هو قادر على إيقافهم»...والـ«هم» تعود هنا إلى تجار الأعشاب ومدعي الطب الطبيعي في لبنان.. الذين يظهرون على شاشاتنا الآن مروجين منتجاتهم التي ما زالت متوفرة في المحال و«الدكاكين» اللبنانية

يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووو