منتديات ليب مون

تستطيع المرأة العاملة في السلك الدبلوماسي تمثيل بلادها في الخارج، وأن تكون سفيرة، لكن ليس من حقها الحصول على التعويضات العائلية المخصصة للرجل الدبلوماسي، إذا تم نقله للعمل في بلد آخر، إلا إذا قدمت إثباتات بأنها المسؤولة عن إعالة عائلتها. في المقابل، لا يؤخذ وضع زوجة الدبلوماسي المادي في الحسبان، سواء كانت موظفة أم لا، ثرية أم لا.
يشير المثل الذي أورده القاضي جون قزي خلال ندوة «المرأة والقانون في لبنان» التي عقدت مساء أمس الأول في المركز الثقافي الفرنسي في بيروت، إلى قمة السخرية في وضع المرأة القانوني في لبنان. فهي تستطيع الخوض باسم بلدها في القضايا السياسية الكبرى، بينما تعيش ضمن قوانين يعود تاريخها إلى ما بين خمسة وثمانين وخمسين عاما، وتعتبرها ملحقة بالرجل.
وعلى الرغم من قدم القوانين فإن المطلوب من القضاة، كما يؤكّد قزي، تطبيقها في أحكامهم، وإلا واجهوا المشاكل. هكذا، يصبحون بين نارين، نار القوانين غير العادلة في حق النساء من جهة ، ونار اتهامهم بخرقها في حال عدم تطبيقها، من جهة اخرى.
وفي كلمته التي عنونها «رحلة العمر بين الظلم والمذلة»، يؤكد قزي أن جميع القوانين المتعلقة بالمرأة أنتجها مجتمع ذكوري، قبل أن تكون هناك اعتبارات طائفية أو حجج خاصة بالتوطين، وتتجلى بالثقافة الاجتماعية التي تتربى فيها المرأة على أنها ضيفة في منزل أهلها، الذي ستنتقل منه إلى عائلة أخرى. في كلامه، يؤكد قزي على ضرورة عدم التعميم المطلق.
وقد عدد القوانين التي ترد فيها المرأة بصفتها ملحقا، وتبدأ من السجل العدلي حيث كانت تختفي تاء التأنيث، ويتضمن: الاسم، المولود، الجنسية، لبناني، لا حكم عليه.
ويذكّر قزي بقرار اتخذه بتاريخ السابع من نيسان العام 2009 بالاعتراض على المضمون في مركز السجل العدلي في بيروت، فرافق إحدى السيدات وهو يحمل سجلها، وأبلغ الموظف المعني أن السجل مزور، لأنه خاص برجل، بينما صاحبته امرأة، وعندها تدخل المسؤول عن المركز بعد إبلاغه بالاعتراض، موجها كلامه إلى السيدة قائلا: «إن القاضي يريد عرقلة ملفك، فهو يتوقف عند أمر شكلي».
لكن قزي تابع الموضوع، وحمل السجل العدلي إلى وزارة الداخلية بتاريخ التاسع من نيسان من الشهر نفسه، وقال لأحد الضباط المعنيين في الوزارة إنه بصفته قاضيا يحكم باسم الشعب، يطلب وضع سجلات عدلية خاصة بالنساء، فأخذت الوزارة بطلبه، وتقرر وضع سجلات للإناث.
وفي موضوع سن الزواج، قال قزي إنه اقترح على رؤساء المحاكم الشخصية في لبنان رفع سن الزواج لدى المرأة إلى ثمانية عشر عاما، وتوحيده بين جميع الطوائف، مع عدم السماح بتزويج فتيات بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، كما يحصل حاليا، لأن المرأة تكون صغيرة وعاجزة جسديا وفكريا عن تحمل أعباء تكوين أسرة.
كما اقترح رفع سن حضانة الأم لأولادها في حال انفصالها عن زوجها، إلى اثنتي عشرة سنة، وتوحيده أيضا بين الطوائف، على أن يستثنى من ذلك، الحالات التي تكون فيها الأم غير قادرة على تربية أولادها، لأنه لا يوجد من هو أولى من الأم بتربيتهم.
وفي موضوع النفقة الزوجية، أورد قزي العديد من الحالات التي يكون فيها الرجال من الميسورين ماديا، لكن لدى طرح مشكلة الانفصال يتظاهرون بالفقر ويدّعون أحيانا الاستدانة، من أجل تجنب تقديم النفقة، بالإضافة إلى أن محاكم الأحوال الشخصية تتخذ قرارات متفاوتة بشأن قيمة النفقة، لذلك اقترح توحيدها، على أن تبدأ من الحد الأدنى للأجور، ثم ترتفع انسجاما مع إمكانيات الزوج المادية.
وفي الميراث، قال قزي إن المعروف بحسب الشرع الإسلامي، للرجل مثل حق الأنثيين، بينما يتساوى الرجل والمرأة لدى المسيحيين، لكن ما يحصل هو التحايل على الشرع، عبر استخدام الأهل طريقة بيع ممتلكاتهم لأبنائهم الذكور، قبل وفاتهم، فيما يتم الاكتفاء في العديد من الحالات بإعطاء الإناث مبالغ مالية، أو تجهيزهن بأثاث للمنزل الزوجي.
وفي موضوع حق المرأة في منح الجنسية لأولادها، بدأ قزي من الحديث عن عدم سلطة أحد على مراقبة دقات القلب عندما يخفق لرجل، سواء كان لبنانيا أم أجنبيا، لكن ما يحصل هو معاقبة المرأة المتزوجة من أجنبي عبر حرمانها من إعطاء الجنسية لأولادها. ورد على حجة التوطين قائلا إنه عندما صدر قانون الجنسية في العام 1925 لم يكن هناك لاجئون فلسطينيون في لبنان.
ويذكر هنا أن حكم قزي لمصلحة المواطنة سميرة سويدان، وحقها بمنح الجنسية لأولادها الأربعة بعد وفاة والدهم، كلفه مركزه القضائي. فقد كان رئيس محكمة في الجديدة، وجرى خفض رتبته القضائية إلى مستشار في محكمة التمييز في بيروت، أي أصبح قاضيا من دون صلاحيات إصدار الأحكام، بينما تم فسخ الحكم القضائي ومن قبل قاضيات نساء.
ومع ذلك، سوف يترك قزي الحكم الذي أصدره إرثا قانونيا، لكي يتعلمه طلاب القانون في لبنان، لأن مهمته كقاض، كما قال، هي إنصاف الناس على الأرض، أمام القاضي الأكبر الموجود في السماء الذي يرى ما نقوم به.
ورأى أنه لا يمكن العيش ضمن معادلة: الناس في خدمة القانون، وإنما على العكس يجب أن يكون القانون في خدمة الناس، وإذا جلس القاضي في برجه العاجي ولم يتحسس آلام الناس فلن يستطيع الحكم بالعدل.
من جهتها، أوضحت منسقة «حملة جنسيتي» رولا المصري أن الحملة سوف تتابع رحلتها المطلبية، بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وسوف تسعى إلى تقديم أكثر من دعوى قضائية إلى المحاكم، شبيهة بقضية المواطنة سميرة سويدان.
وذكرت بالتحرك السابق للمشاركين في الحملة منذ العام 2008، والذي وصل في نيسان العام 2010 إلى نقطة إصدار مجلس الوزراء مرسوم إقامة المجاملة ويقضي بمنح أسر النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب إقامة مجانية مدتها ثلاث سنوات. وقد لاقى القرار في حينها استخفافا من الأمن العام، الأمر الذي حدا بمجلس الوزراء لإصدار قرار ثان بتعميم المرسوم في أيلول من العام نفسه. أما قضية سميرة سويدان، فقد استغرقت في المحاكم خمس سنوات