منتديات ليب مون

مشهد من جنازة شهيد الصحافة أحمد محمود الرمزية في القاهرة أمس


شارك المئات من الصحافيين المصريين أمس في جنازة رمزية للصحافي أحمد محمود، والذي قتله أحد ضباط الشرطة قبل 10 أيام أثناء قيامه بتصوير أحداث العنف التي أحاطت بوزارة الداخلية أثناء خروج وزير الداخلية السابق حبيب العادلي من المقرّ وسط إطلاق كثيف للنيران.
وحمل الصحافيون نعشاً فارغاً لفّ بالعلم المصري، في تظاهرة انطلقت من مقر النقابة وسط القاهرة إلى ميدان التحرير، حيث يعتصم الآلاف من المصريين المطالبين بالتنحي الفوري للرئيس حسني مبارك، والذين شاركوهم الاحتجاج بالانضمام إلى المسيرة وإقامة صلاة الغائب على روح محمود الذي بات يعرف الآن بـ«شهيد الصحافة».
وهتف الصحافيون مطالبين بمحاكمة العادلي، الذي أعلنت المصادر الرسمية أنه سيتم ّالتحقيق معه خلال أيام في مخالفات مالية وأخرى تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان والأمر بإطلاق النار على المتظاهرين في ميدان التحرير مع بدء انطلاق الاحتجاجات المتواصلة في 25 كانون الثاني الماضي.
وردّد الصحافيون «الشعب يريد محاكمة السفاح»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، طوال مسيرتهم من مقر النقابة إلى ميدان التحرير. وكانت صحف محلية قد أشارت إلى أن التحقيقات التي تجريها النيابة في مصر قدرت ثروة وزير الداخلية السابق، الذي احتفظ بمنصبه 14 عاماً، بنحو ثمانية مليارات جنيه مصري (أي نحو مليار ونصف المليار دولار).
وسبق انطلاق الجنازة الرمزية من مقر النقابة هجوم حاد على نقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد أحمد، والمعروف بعلاقته الوثيقة مع مبارك وقيامه أحياناً بكتابة خطاباته. وأثناء تواجد مكرم في بهو النقابة لتقديم العزاء لزوجة الشهيد، التي تعمل صحافية كذلك، ووعده لها بتقديم معاش استثنائي وإقامة نصب تذكاري له، بدأ عشرات الصحافيين في ترديد هتافات حادة تطالب بطرد مكرم من منصبه باعتباره «بوقاً للنظام».
وهتف الصحافيون، أثناء تجمعهم في مقر النقابة، «يسقط مكرم محمد أحمد... يسقط عميل النظام»، و«يسقط النقيب الحكومي»، و«يسقط إعلام السلطة الفاسدة». وكادت الأمور أن تتطور إلى هجوم جسدي على النقيب من قبل قلة من الصحافيين الثائرين لولا مسارعة أعوانه إلى إحاطته ودفعه نحو المصعد المؤدي إلى مكتبه.
وجاء الهجوم على النقيب وسط حالة من الغليان التي تسود العديد من المؤسسات الصحافية الرسمية التي تديرها الحكومة مثل «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية» من قبل الصحافيين الرافضين لمواقف رؤساء تحريرهم الذين يتم تعيينهم بموافقة الرئيس شخصياً والأجهزة الأمنية. ويتهم هؤلاء رؤساء تحريرهم بمنافقة النظام وتشويه سمعة مهنة الصحافة بين المصريين، في ضوء انحيازهم الواضح ضد المطالبين بتنحي مبارك والمشاركة في حملة هجوم واسع ضدهم حتى قبل يومين فقط، وذلك في ضوء ما بدا أنه تعليمات جديدة صدرت لهم من القائمين على الحكومة (نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الوزراء أحمد شفيق) بإظهار بعض الموضوعية في تغطية الأحداث الدامية التي تشهدها مصر منذ أسبوعين للتهدئة من احتجاجات المعتصمين.
ويتم الآن في مؤسسات صحافية حكومية عدة جمع تواقيع للمطالبة بإقالة رؤساء التحرير الموالين للنظام، وخاصة رؤساء تحرير مؤسسة «روز اليوسف» عبد الله كمال، و«الأهرام» أسامة سرايا، و«الأهرام المسائي» طارق حسن، ومجلة «أكتوبر» مجدي الدقاق و«المصور» كرم جبر.
والشهيد أحمد محمود كان يعمل في صحيفة «التعاون» التابعة لمؤسسة «الأهرام» قبل سفره إلى السعودية منذ 10 أعوام، ولقي مصرعه أثناء قدومه للقاهرة لقضاء عطلة مع أفراد أسرته.
وفي خضم الاضطرابات قرب وزارة الداخلية في 28 الشهر الماضي، بعد انهيار قوات الأمن في ما وصف بمؤامرة مقصودة من وزير الداخلية السابق، قام ضباط الشرطة بإطلاق النار بشكل كثيف أثناء إخراج العادلي من مقر الوزارة. وعند سماع الشهيد لأصوات إطلاق الرصاص، توجه إلى شرفة مكتبه المطل على مقر وزارة الداخلية وبدأ في تصوير ما يجري بهاتفه الخلوي، ولكن أحد الضباط، وهو برتبة نقيب، شاهده وهو يقوم بالتصوير، وأطلق رصاصة أصابته في عينه. وتوفّى أحمد بعد نحو أسبوع من إصابته بعد فشل محاولات إنقاذه. وينتمي أحمد إلى عائلة تمتلك دوراً للنشر عدة، وتعمل زوجته إيناس عبد العليم في إحدى الصحف التابعة لمؤسسة «الأخبار». وترك أحمد وراءه طفلة وحيدة تبلغ من العمر 10 سنوات. وكانت من المفارقات المحزنة أن الجنازة الرمزية للشهيد تزامنت مع اليوم الذي كان من المفترض أن يحتفل فيه بعيد ميلاده الأربعين، وسط أفراد أسرته