منتديات ليب مون

«يا عرب... يا عرب... اسمعوا صوت شعب مصر
احفظوا لمصر المكان, واحنا عالعهد اللي كان
مصر أوفى من الزمان, وانتو عارفين شعب مصر» (الشاعر أحمد فؤاد نجم)

نعرف شعب مصر.. من النيل الآتي من قلب زمانٍ يسرد الحرية في حبيباته!
ومن الصحراء يعشبها في دمه وروحه وجسده. نعرفه وهو يتبادل معهما رسائل (العِيش) والكرامة والبقاء!
ونعرفه وهو يجري على سليقته في تمثيل الكلام المرتجل مطّرداً بلا تحفظات.
أنت اليوم على صفحة غلاف الوجود. تخترق المعادلات المنطقية الهندسية بالمكان والظرف والتحالفات. تحضر بكثافة إلى قلب الشارع العربي الذي غفا طويلاً, مُكبّاً على وجهه, وقد ضيّع حقّه في السؤال والاجتهاد واحتلال قصور الطواغيت والصراخ ضدّ إثمهم وعهرهم وفسادهم. أنت اليوم, تريد إسقاط النظام على ما نسمع عنك من شعاراتٍ وصلت أسماع الملايين حول العالم. وتريد أن تمضي إلى نهاية الطريق, تنشد استحقاقك بيدك. وتريد أن تتنشّق هواءً لا أن تأكله, وأن تأكل خبزاً لا أن تشمَّ رائحته من بعيد وأنت لا تملك ثمناً له. وتريد كرامةً مغمسةً بالدم لا اتفاقيةً مبتلّةً بالخزي والعار!
لقد هبّت رياح الخماسين! رياحٌ كشفت المارد أمام ضعفه, وأسقطت الساحر بسحره, وجعلته وسط صوت الناس الذين لا صوت لهم عارٍ إلا من خيبته وانكساره وابتئاسه, لا يعرف أين يذهب بوجهه الذي لم تستطع مختبرات ومخابرات إسرائيل وأميركا أن تخدع به شعباً يسري في عروقه النيل ويستضيء قلبه على نبض فلسطين وثوارها.
تصبح يا شعب مصر ما تريد أن تصبح, فهذا أوان ميلادك الجديد المجيد. تقدّم وكن صانع زمنك فأنت لست أقلَّ موهبةً من شعب تونس الشجاع الذي أطاح غُلاة المترفين ورمى بهم في أجران (جدّة) يُقاسون العزلة والحماسة على الحياة. تقدّم وكن صانع حريّتك ولو مُترّبةً بالدماء. تقدّم وكن صانع كرامتك لتحيا واقفاً مرفوع الجبين, فقد مرَّ من الخوف والنحيب والرقيب والجلاّد ما يكفي لغضبٍ حارقٍ يتصاعد فيك. تقدّم وكن صانع خبزك ولو استطال الحرمان إلى المدافن والقبور وبيوت الصفيح وعوّامات النيل التي اختلف المفسّرون والمعبّرون والمثقفون كيف تطفو على سطح الفقر ولا تكون ثورة!
تقدّم وكن حاميَ أمّ الدنيا التي عصمها الشعر من التهويد, وباعها فرعون (عابدين) وسحرته بمائها وغازها وقناتها إلى الضياع مقابل اتفاقيةٍ بخسة جعلت نصف الشعب المصري يقف في طوابير الذّل ليحصل على رغيف (عِيش)!
غابت عنها القضيّة... أصبحت شرم الشيخ هي القضيّة, وحراسة «السّلام» من إرهاب «المغامرين» هي القضيّة, والوقوف في وجه المدّ الفارسي هي القضيّة, وملاحقة المقاومين والمعارضين بفتاوى دينيّة هي القضيّة, وتوريث جمال بناءً لأسس علم الفيزياء الحديث هي القضيّة!
يا لها من قضيّة... قضيّة انتهت بمصر عزلاء بلا هويّة, بلا مشروع, بلا دور, بلا لغة, هائمةً في مدن الغرب لا تجد من يُطفئ صحراءها بماء الكرامة.
قل كلمتك أيها الشعب وامش ِ. لا رهبانيّة بعد اليوم, ولا تقيّة بعد اليوم, فذلك مُعطى قديم, واكسر حلقة المراهنات الخاسرة التي سجنوك فيها بلا «فجر مجدٍ يتسامى». واخرج إلى الضوء وأرضِ العرب المخدّرة, ومساحاتهم التي تنتشر فيها طحالب العجز والرتابة, واملأ الدنيا هتافاً وصياحاً: «الشعب يريد إسقاط النظام»!
عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران كتب الشاعر أحمد فؤاد نجم:
إيــران يــــا مصـــري زيّـنــا كـان عنــدهم.. ما عنـدنـا
الدم هُوّا دمّنا.. والهمّ مِن لون همّنا تِمْســِك وِدانـك مـِن قَفـَاك
تمســك ودانـــك مـــِن هــــِنَا النـاطــق الخـالـق هـناك
النـــاطــق الخــالـــق هـنــا اللي حصــل فيـهم هنــاك
لازم حيحـصــل عـــندنــا!