منتديات ليب مون

ليست المشاورات التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في هذه الأيام، جديدة في مبدئها، فقد سبقتها في السنوات العشر الأخيرة، تجارب عدة بالعشرات وربما بالمئات...
ويمكن القول إن كل تلك المشاورات كانت ناجحة باعتبار أن الغاية الأساسية المستترة منها كانت ملء فراغ سياسي في مرحلة محددة. لهذا فإن كان من المبكر تقييم النتائج التي ستنتهي إليها مشاورات رئيس الجمهورية مع «الطاقم الحواري» فإن «بركتها» وان اقتصرت على ملء حيز بسيط من الفراغ الذي أحدثته البطالة التي ضربت المؤسسات الدستورية، ستكون محكومة بالنجاح حتماً.
ولعل مكمن الخلل في المشاورات أن الذين يستدعون للتشاور كانوا قد قالوا كل ما يمكن ان يستشاروا به على رؤوس الإشهاد عبر بيانات وندوات ولقاءات وأحاديث بعضها كان مكتوباً وبعضها كان بالصوت والصورة ومنها ما كان بالصوت او تجنّب الصوت والصورة وربما قاله البعض أو كتبه عبر «الفايس بوك» الخاص به او بجماعته. لذلك فإن التشاور مع هؤلاء لن يكون مفيداً لأنهم سيقولون ما قالوه وأكثريتهم الساحقة قد كرّروه مراراً وتكراراً وأصروا على بعضه في طاولات حوارية مما ادى الى إفشالها او مراوحتها عند النقطة التي بدأت فيها. فهل يعني هذا أن الدعوة لمشاورات لم تعد جائزة؟
عندما شلت المؤسسات في بداية الحرب الأهلية السابقة، قال رئيس الحكومة يومها الدكتور سليم الحص كلمته المشهورة التي حملت ما معناه «علينا أن نخترع الآمال». بهذا المعنى، تصبح المبادرة الى مشاورات بعد مشاورات، واجبة في ظل ما تواجهه المؤسسات الدستورية من بطالة، خاصة أنه عندما يفقد الناس الأمل يصبحون كالأفاعي التي تبادر الى عضّ بطونها.
ان المراهنة على المشاورات لا تقتصر على هذا «النجاح القسري» فيمكن ان تنتهي المراهنة الى نجاح آخر إذا ما سلكت المشاورات سبيلاً آخر لإجرائها يتمثل في تبديل وجوه من تتم استشارتهم. فالذين ادلوا بدلوهم حول كل شاردة او واردة في البلد وضواحيه بماذا سيتشارون يا ترى ما دامت المواضيع هي ذاتها والقضايا هي ذاتها والمشكلات هي ذاتها؟
إذا كانت الوجوه ذاتها والقضايا ذاتها تقع الخطورة المتأتية من إمكان ان تجلب المشاورات خسارة الناس حتى لمجرد مراهنتهم على الأمل. ومن هنا يصبح تبديل الوجوه بمثابة إنعاش للأمل لكونه يفسح في المجال للمراهنة على فكرة او حل او إجراء ما يخفف من الآم الناس ومعاناتها ومحنة الوطن ومشكلاته.
ان في لبنان وجوهاً غير تلك الوجوه التي تستشار اليوم. وإذا كانت تجربة تجديد الوجوه التي أقدم عليها رئيس الجمهورية الأسبق العماد اميل لحود أحبطت بوعد او بحفنة مال فإن تجربة الرئيس العماد سليمان عند تشكيل الحكومة الحالية ما تزال صامدة فلماذا لا تتوسع هذه التجربة وتتمدد لتصبح على شكل مشاورات تشمل كل القطاعات الحية في البلد من النقابات الى الطلاب والشباب والهيئات النسائية وقطاعات المهن الحرة والهيئات الاقتصادية والمصرفية والمثقفين والفنانين وغيرهم...
لقد قيل «من شاور الناس شاركهم في عقولهم» وفي البلد عقول لم يشاركها أحد فجرّبوها. ألم يبتدع الحل يوماً لما كان مستعصياً رجل اسمه «أخوت شانيه»؟