منتديات ليب مون

جانب من منزل متداعٍ في حارة صور القديمة


يرافق القلق يوميات عدد كبير من العائلات القاطنة في الحارة القديمة في مدينة صور. ولا يخلو يوم من تسجيل سقوط قطع اسمنتية من سقف أو جدران قديمة أنهكها الزمن المستوطن في تلك الحارة المشرّعة على شاطئ المدينة الجنوبي. وما يزيد من منسوب الخطر، الزيادة المستمرة في عدد الأبنية المتداعية التي يعود معظمها إلى حوالى مئة وخمسين عاماً، وإهمال أصحابها الأصليين ترميمها وتأهيلها.
وبين عدم إقدام هؤلاء المواطنين على خطوة ترميم منازلهم جراء غياب الإمكانات المالية من جهة، أو عزوف بعضهم لأسباب تتعلق بتعدد الملكية والهجرة الطويلة عن المدينة وغياب الدور الحاسم للبلدية في إلزام أصحاب المنازل بالترميم، تبقى العائلات المجاورة مساكنها لتلك المنازل والمارة على السواء، تحت تهديد سقوط أجزاء من البيوت في كل لحظة، وتحديداً على أبواب فصل الشتاء. وتقول خيرية السمرا، التي تقطن إلى جوار عدد من المنازل المتداعية، إنه «لا يجوز هذا الإهمال وإبقاء السكان وأولادهم عرضة للخطر الدائم والملازم». ذلك بالإضافة إلى «المشهد المتمثل بخراب البيوت وتبعثر حجارتها، والحشائش والأعشاب المنتشرة، التي تسبب إزعاجاً لزائري الحارات القديمة، لا سيما وأن المنازل المتداعية تقع بمحاذاة موقع الآثار». وتناشد السمرا «البلدية النظر إلى الواقع والقيام بخطوات سريعة لرفع المخاطر والأضرار عن الناس».
وتلفت جارتها وفاء النشار، التي تقيم في منزل متداعٍ مجاور لقصر البيطار الذي يجري تدعيمه حالياً، إلى أن القلق يسيطر عليها أثناء كل تحركاتها في المنزل وخارجه نتيجة سقوط أجزاء من سقف منزلها والتشققات في المنازل المجاورة. وتقول «إن مطلبي الوحيد هو مساعدتي لترميم المنزل بالحد الأدنى، لأنه لا يوجد بديل إطلاقاً للعيش في مكان آخر».
ويشرح رئيس «لجنة التخطيط والتصميم والدراسات والتنمية» في بلدية صور المهندس شريف بيطار حول واقع المنازل القديمة والمتداعية في حارة صور الجنوبية. يقول: «إن غالبية منازل الحارة القديمة تعود إلى قرون عديدة، وهي مبنية بحجارة رملية، وجزء من المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي». ويشير إلى أنه «يمنع البناء في عدد كبير من منازل الحارة انطلاقاً من الحفاظ على تراثها. وهي تحتاج إلى ترميم وتأهيل عاجل لرفع الخطر عن السكان».
وعن دور البلدية، يقول بيطار إنها «تقوم بكشف ميداني على المنازل المتداعية التي تعود ملكية بعضها لأشخاص لا يزورون المدينة، وحتى أن البلدية لا تعرف مكان إقاماتهم، بهدف وضع أولويات رفع الضرر الآني عبر أصحاب العلاقة أو مساهمة البلدية بشكل طفيف في ذلك». ويشير بيطار إلى «صلاحيات البلدية في إلزام المواطنين بترميم المنازل التي أصيب العديد منها في الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المدينة، ولا سيما في اجتياح العام 1982.
ولكن المشكلة تكمن في الأوضاع الاقتصادية المتردية للكثير من العائلات التي لا تقوى على الترميم رغم الخطر الذي يتهدّدها». ذلك بالإضافة إلى «الخلافات القائمة على عدد من الأبنية التي يملكها أكثر من شخص، أو أكثر من وريث، ما يحول دون الترميم»، كما يقول بيطار، مؤكداً على أن «البلدية تمنح بعض تراخــيص الترميم في إطار التزام أصحاب العـــلاقة بالحفاظ على الشكل التراثي، وذلـــك بالتنسيق مع «المديرية الــــعامة للآثار» و«التنظيم المدني». وينـــاشد «الدولة الإحاطة بالقضية الملحّة والمساهمة في ترميم المباني عبر مجالسها المتعددة».
ويؤكد مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي على أن «المديرية العامة للآثار سبق لها وأن رممت العديد من المباني القديمة التي تمّ استملاكها لمصلحة المديرية، وتم تحويلها إلى مراكز ثقافية وتربوية ومن بينها قصرا المملوك وبارود». ويشير إلى أن المديرية «ترحب بأي خطوة لترميم المنازل القديمة والحفاظ على دورها التاريخي وفق المعايير الموضوعة من قبل التنظيم المدني».