منتديات ليب مون

يراقب الطريق بالرادار أمس

يستمر النزف على طرقات لبنان يوميا، ومعه تستمر المماطلة وتقاذف المسؤوليات والاتهامات بين المسؤولين المعنيين. وكلما اتخذت خطوة جديدة، مهما كبرت أو صغرت، ومهما طال انتظارها، تحتفل الدولة بنفسها وبانجازاتها كأنما تكفي خطوة بعينها لوضع حد للموت المجّاني على الطرقات.
يستمرّ النزف اليومي على الطرقات، ومعه يستمر المسؤولون في التنصّل من مسؤولياتهم ودوما على أساس أن هناك طرفا آخر لا يسمح لهم بالتصرف، أو أن هناك من يعرقل صدور قانون السير الجديد، أو أن هناك من لا ينفذّ الأوامر، أو أن عديد القوى الأمنية لا يكفي... إلى ما هنالك من حجج وأعذار لا يبدو فعلا أي منها عصيا على الحلّ، أو مستحيلا إن وجدت الإرادة الفعلية لحلّ قضية عامة، لا تفيد طائفة بعينها أو جمهورا محددا بعينه.
وفي انتظار الحلول المنشودة، وتذليل العقبات «المهولة» التي تعترض «طريق» الحد من الموت المجاني على الطرقات، تبقى في تصرف المسؤولين، إن رغبوا، مجموعة من الخطوات والإجراءات التي يمكنهم اعتمادها واللجوء إليها، وإن بصورة مؤقتة، كونها يمكن أن تساهم في الحد من عدد الضحايا اليومي لحوادث السير.
ومن بين تلك الإجراءات، قانون السير الحالي، الذي لا يُطبق، كما أن بنوده تبقى شبه مجهولة لمعظم السائقين في لبنان. وفي ما يلي، بعض بنود قانون السير القائم.
يقدّر أحد ضباط قوى الأمن الداخلي العاملين على إصدار القانون الجديد للسير خسائر لبنان سنويا جراء حوادث السير بمليار دولار، مشيرا إلى أن القانون الحالي الصادر في المرسوم الرقم 76/67 بتاريخ 26/12/1967،
يتضمّن مواد لا تطبّق منذ زمن، وربما يسهم تفعليها في الحد من غزارة النزف على الطرقات.
ويعتبر الضابط أن إلقاء الضوء على القوانين الحالية المهملة يعكس جانبا من الواقع المرعب الذي يعيشه اللبنانيون يوميا في تنقلاتهم، وأن تفعليها قد يكون الخطورة الأبرز في انتظار صدور القانون الجديد.
وقد اعتاد اللبنانيون مشهد مخالفات قانون السير، وهم يمارسونها ببديهية من دون ان يفطنوا أنها غير قانونيّة، وبعضها يتمثل في منع أو تغيير هام في السرعة أو الاتجاه من دون التأكد من إمكانية إجراء ذلك من دون خطر أو تنبيه الغير، والتدوير وسط الشارع، وغسل المركبات على الطريق العام، ونقل العمال في شاحنات غير مخصصة بمقاعد ومن دون التأمين عليهم.
كما يمنع قانون السير في المادة 460 رمي أو ترك على الطريق العام ما من شأنه ان يعيق حركة السير أو يسبب أخطارا كالنفايات والتراب والحجارة ومواد البناء وغيرها. وفي حال اضطراره لذلك، يتوجب عليه إزالتها فورا، وإذا تعذر ذلك عليه ذلك يتوجب ان يضع العلامات التي تشير إلى الخطر الناتج عنها حتى إزالتها.
وكثيرا ما يترك المصابون من جراء حوادث السير عند قارعة الطريق ولا يتقدم أحد لمساعدتهم خوفا من التحقيق معهم في ظروف الحادث. إلا أن المادة 567 من قانون العقوبات اللبناني تعاقب من يهمل مصابا، وهي تنص على «أن من وجد بمواجهة شخص في حال الخطر بسبب حادث طارئ أو بسبب صحي، وكان بوسعه إغاثته أو إسعافه بفعل شخصي أو بطلب النجدة ودون ان يعرض نفسه أو غيره للخطر، وامتنع بمحض إرادته عن ذلك، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة، وبالغرامة من مئتي ألف ليرة إلى مليوني ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين». ويؤكد الضابط المساهم في قانون السير الجديد أنه يتضمن عقوبات رادعة وتصاعدية لا يتضمنها القانون الحالي، إلا أنه يشمل مجموعة من الخطوات الرادعة التي لا تنفذّ.
وتشير المادة 291 من قانون السير، في فقرتها الرابعة، إلى سحب إجازة السوق لمدة أدناها شهر في حال تكررت المخالفة للمرة الثانية. ويحكم بسحب إجازة السوق لمدة ستة أشهر على الأقل في المخالفة للمرة الثالثة. وبالإضافة إلى العقوبات، يمكن للقاضي ان يحكم بسحب الرخصة نهائيا في حال الذنوب المتكررة والفادحة كما جاء في المادة 292.
ولكن، من النادر أن تطبق هذه المواد بحسب أحد ضباط شرطة السير في بيروت عازيا الأمر إلى تداخل السياسة بالأمن والقضاء.
ويشير الضابط إلى ضرورة تطبيق المادة 152 من قانون السير التي تحظر إعطاء رخصة سوق مهما كان نوعها إلى من ينطبق عليه التالي:
- لمن كان مدمنا على المسكرات ويعتبر مدمنا من ضبط وهو في حالة التكرار.
-لمن يتعاطى المخدرات أو يستعملها أو يحضرها أو يحوزها أو ينقلها أو يسمسر بشأنها أو يأتي أي عمل كان يتعلق بالمخدرات. وكل سائق يحكم عليه بجريمة من هذه الجرائم يعاقب بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها بقانون المخدرات بسحب إجازته لمدة ثلاثة أشهر في المرة الأولى ونهائيا في المرة الثانية. تبدأ مهلة سحب الإجازة من تاريخ تنفيذ عقوبة الحبس.
- لمن يحكم عليه بالسجن لمدة تزيد ثلاثة أشهر لارتكابه حوادث سوق هامة إلا بعد مرور سنتين على تاريخ الانتهاء من تنفيذ الحكم، وبعد سنة على التاريخ المذكور لمن يحكم عليه للسبب نفسه لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
ويمكن تجاوز تلك المواد غالبا بسبب العلاقة غير السليمة بين بعض معقبّي المعاملات وبعض موظفي مصلحة تسجيل السيارات.
وتغيب الرقابة عن مهنة معقبي المعاملات لدى مصلحة تسجيل السيارات والآليات في لبنان. ونص القانون الرقم 33/66 الخاص بتنظيم المهنة في مادته الرابعة على منع إعطاء رخصة معقب للأشخاص الذين لديهم رابطة قرابة مع احد موظفي مصلحة تسجيل السيارات والآليات حتى الدرجة الرابعة. وفرضت المادة التاسعة من القانون المذكور على معقب المعاملات أن يمسك سجلا يدون فيه يوميا المعاملات التي يجريها ونوعها وتاريخها وأسماء أصحابها والبدلات التي يتقاضاها عنها.
من المخالفات أيضا، السماح لمركبات الأشغال العامة والجرارات الزراعية المجهزة بمقطورة على الطرقات الدولية والرئيسية وهي محملة إنما يسمح لها تخطي هذه الطرقات عرضا من جانب إلى آخر. حسبما تنص المادة 49. كما يتوجب على أصحاب المركبات الزراعية ذات المقطورة الحصول على ترخيص استثنائي من مصلحة تسجيل السيارات يجيز لها السير على جنب الطرقات الدولية والرئيسية وهي محملة بالمحاصيل الزراعية