منتديات ليب مون

تمرّد»، «خروج على الأصول» و«اعتصام غير قانوني»... بهذه العبارات وصّف محامون التحرّك الذي قام به عدد من الموظّفين الرسميين في قصر عدل بيروت «تضامناً مع السلطة القضائية واحتجاجاً على الإساءة إلى سمعتها»، وواكبه التزام عدد محدود من القضاة بتأجيل النظر في الدعاوى الموجودة لديهم، وسط استياء المحامين والمتقاضين من هذا «التأخير المتعمّد وكأنّه لم يكف البعض عطلة شهرين ليزيدوا من مرارات المماطلة في البتّ بالملفّات بعكس ما يطلب المسؤولون في القضاء».
وقد ولّد هذا التحرّك حالاً من الانقسام بين الموظّفين والمساعدين القضائيين، إذ اعتبر غير المشاركين أنّه تصرّف سياسي يفترض ألاّ يحدث في ردهات العدلية، فيما تابع الداعون خطوتهم على مرأى من المسؤولين في القضاء، فوزير العدل إبراهيم نجّار لم يكن في مكتبه، بل كان يرقد في مستشفى جعيتاوي حيث يتابع علاجه، ولا مجلس القضاء الأعلى الذي تناهى إلى سمعه ما يحصل في قاعة «الخطى الضائعة» أوقف هذا الأمر منعاً لتكراره، ولا هيئة التفتيش القضائي استدعت القائمين به مع أنّه توجد حالات مماثلة عن استدعاء موظّفين إلى المساءلة على خلفية آرائهم السياسية، وهو في جميع الحالات يتعارض مع تعميم التفتيش نفسه بمنع التحدّث في السياسة.
وقال مصدر قضائي ان التحرّك تم تنظيمه «من دون نيل إذن رسمي من وزارة العدل»، فيما قال موظّفون مشاركون إنّهم «نالوا إذناً شفهياً»، وقال آخرون إنّهم استدعوا للمشاركة من دون أن يعرفوا ما إذا كان شرعياً أم لا، وآثر آخرون الانسحاب فور علمهم بعدم وجود ترخيص، وذلك خشية ألاّ تتخذّ إجراءات تأديبية بحقّهم لمخالفتهم أنظمة الوظيفة. وشوهد موظّفون يقومون بعملهم في المحاكم من دون الانتباه إلى هذا الاعتصام باعتبار أنّ هناك قضاة ثابروا على عملهم وعقدوا الجلسات بشكل اعتيادي.
وبحسب ما تمّ تداوله بين الموظّفين، فإنّه بعد لحظات على فتح العدلية أبوابها أمام روّادها اليوميين، بدأ الموظّف (جوزيف ث.) من فريق 14 آذار، بالتنقّل من دائرة إلى محكمة، تاركاً عمله ووظيفته، وبدأ بمفاتحة زملائه بتحرّكه وتحريضهم على المشاركة فيه والتوقّف عن ممارسة أيّ مهام وسط دهشة المحامين والمتقاضين خاصة في ظل تعليمات واضحة من وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الدكتور غالب غانم بتسريع النظر في الدعاوى حفاظاً على مصالح المواطنين الذين يعتبرون القضاء ملجأهم الوحيد لأخذ حقوقهم. وعقدت في السابق اجتماعات مطوّلة بين المسؤولين القضائيين للحثّ على ضرورة الإسراع في إنجاز البتّ بالملفّات وعدم تأخيرها.
ولم يسبق أن شهدت العدلية دعوة من موظّف للتحرّك ولو تحت شعار التضامن مع السلطة القضائية، كما أنّه يمنع على الموظّف التعاطي بأيّ عمل سياسي، وخصوصاً أنّ هناك تعميماً صريحاً من هيئة التفتيش القضائي تحذّر الموظّفين من التحدث بالشؤون السياسية خلال أوقات العمل في مختلف قصور العدل، وذلك للتخفيف من التشنّج الحاصل على الساحة الداخلية طوال السنوات الخمس الماضية.
وأكثر من ذلك كلّه، فإنّ السلطة القضائية ليست قاصراً وتستطيع أن تعبّر بنفسها عن نفسها، وسبق لمجلس القضاء أن تصدّى لكلّ من يتطاول على القضاء برمته وليس على قضاة بعينهم.
وقال النائب المحامي نوّار الساحلي لـ«السفير» إنّ «هذا الأمر مخيف وخطير»، مستغرباً عدم تحرّك التفتيش القضائي والمجلس التأديبي للموظّفين علماً أنّه في السابق لوحق أحد الموظّفين بسبب آرائه السياسية، ونحن نطلق التنبيه، فقصور العدل بيت للعدالة، وإلاّ فاغلقوها واعتبروها مراكز حزبية».
وتجمّع المشاركون في هذا الاعتصام في قاعة «الخطى الضائعة» حيث استلّ الداعي الموظّف (جوزف ث.) بياناً مكتوباً وأعدّ مسبقاً، وتلاه «باسم زملائه» طالب فيه «الزعماء والمسؤولين السياسيين والروحيين بإبعاد القضاء عن التجاذبات السياسية والخصومات الضيّقة ذات الطابع الشخصي، لأنّ القضاء هو الضامن الوحيد للنظام البرلماني الديموقراطي المعروف به لبنان، ولأنّ القضاء هو الوحيد الذي يحمي حقوق المتخاصمين أيا كانت صفتهم أو مواقعهم وعلى كلّ المستويات، فإنّه لا يمكن لأيّ دولة ديموقراطية أن تستقيم في ظلّ التهجّم المستمرّ أو محاولة النيل من أداء جسمها القضائي بكلّ تعبيراته الوظيفية والبشرية».
وقال البيان المكتوب «إنّ القضاء لا يتحرّك ارتجالاً ولا تحت أيّ ضغط نفسي ومعنوي أو سياسي، بل وفقاً للقوانين والأصول المرعية الإجراء التي توجب عليه التحرّك باتجاه أيّ عمل يخالف الانتظام العام، أو يعرّض المجتمع لأيّ خطر إن على صعيد الفرد أو الجماعة». واصـفاً هذا «الموقف بأنّه تعبير عن استيائنا لما تتعرّض له السلطة القضائية بكافة أفرادها

شكرا عالخبر
دمت بخير