منتديات ليب مون

إذا كانت شتلة التبغ تعني للجنوبي حكاية صمود، فهي أصبحت للعكاري حكاية تشبث بالأرض بعدما أصاب المواسم الزراعية ما أصابها هذا العام تحديداً من خسائر. فمن فيضانات النهر الكبير، إلى لفحة البطاطا، إلى تدني الانتاج برمته، تبقى شتلة التبغ والتنباك الأمل الوحيد والمنقذ الأوحد الذي يستطيع مزارعو عكار من خلاله الصمود في مواجهة رياح العوامل المناخية، وتقلبات الأسعار، وسيف المنافسة وتزوير ألأسمدة الكيميائية والسموم والمواد العلاجية.
وفي ظل الوضع المستجد يتحدث اللسان العكاري بلغة واحدة وصوت واحد: «يجب أن لا تصبح شتلة التبغ والتنباك في عكار حكاية مرة».
لم تتغير تسعيرة التبغ في عكار منذ العام 1994، كما لم تتعدل أذونات الزراعة أو التراخيص منذ الستينيات. وبذلك لم تعد شتلة التبغ رمزا، بل أصبحت عبئاً وصار لها ألف حكاية وحكاية في عكار. يجد الاهالي انفسهم امام حلول صعبة بعد أن كانوا يندفعون اندفاعاً نحو هذه الزراعة المحمية تحديداً وذات المردود، فاندفعوا للبحث عن ثغرات ينفذون منها لزيادة الانتاج، لجأ بعضهم وبطرق مختلفة الى الاستحصال على «اذونات» لهم ولزوجاتهم وبعض ابنائهم في سبيل زيادة الكميات المزروعة أو استئجار بعضها، أو تقاسم الأرباح مع بعض حاملي الأذونات. ورغم صعوبات ومعوقات زراعة التبغ تأتي إدارة التبغ والتنباك، وتقدم في بعض الأحيان على سحب الرخص الا من رب الاسرة، أو الولد في حال كان متزوجا او تجاوز عمره الاربعين سنة. هكذا أصبحت شتلة التبغ عبئاً مكلفاً دون جدوى في تأمين لقمة عيش كريمة للأهالي، وفي التعويض عن خسائرهم المادية الناتجة من الزراعات الخاسرة الأخرى.
أفنى مرعي المصري، مزارع من تلمعيان، حياته في زراعة التبغ ليجد نفسه اليوم «على الأرض»، كما يقول، «لم تعد زراعة التبغ مفيدة، هناك التعب والعرق على مدار 14 شهرا ليبقى المحصول محصوراً بثلاثة ملايين ليرة لبنانية فقط، يذهب الكثير بدل مصاريف زراعية وأدوية ومبيدات للشتلة، رغم أننا لا نحتسب كلفة اليد العاملة كونها عائلية».
ويشير المصري إلى أن أعلى سقف لشراء كيلو التبغ من ادارة الريجي وصل الى 10 آلاف ليرة فقط، وبعملية حسابية صغيرة يظهر ان مردود هذه الزراعة العائلية يتراوح بين الألف دولار او الالفي دولار سنويا تتوزع بين اقساط المدارس والطبابة ومازوت الشتاء ومصاريف الغذاء لعائلات تتكون على الاقل من 6 افراد.
في المقابل، يستفيض بعض المزارعين في شرح طبيعة علاقاتهم بخبراء ادارة حصر التبغ والتنباك التي يشوبها الكثير من عدم الثقة، اذ يشعر المزارعون ببعض الظلم من اسعار الخبير التقديرية للمنتج، «من هنا أهمية أن يتم التعاطي بذهنية أفضل مع المزارعين الذين يضحون بالغالي والرخيص من أجل تحسين انتاجهم وجودته، وهذا أقل ما هو مطلوب».
يعلق المزارع حسن خالد آماله على هذا الموسم، مؤكداً «أن هذه الزراعة باتت مكلفة ومضنية، إذ ارتفعت أسعار اليد العاملة»، كما يقول، «بعدما غابت اليد العاملة السورية حالياً بفعل شهر رمضان، عدا أسعار الأسمدة وأجرة الجرارات «فيما بقيت تسعيرة التبغ على حالها منذ 1996 تتراوح حول سبعة آلاف وخمسمئة ليرة كمعدل وسطي، من دون مراعاة الغلاء».
ويشير خالد إلى أن إدارة الريجي تصنف التبغ ثلاثة أصناف تتراوح ما بين «جيد ووسط ومتدن». اما اسعار الصنف الجيد فهي من تسعة آلاف إلى عشرة، والوسط بين ستة إلى سبعة آلاف ل.ل والمتدني 4500 ل.ل. موضحا ان 30 في المئة من مجمل التبغ في لبنان يتم تصنيفه جيداً و10% متدنياً و60% وسطاً. ويتم احتساب أربعة كيلوغرامات من بين كل مئة كيلوغرام من دون ثمن ويُرشح هذا الرقم للارتفاع. ويرى خالد أن واقع الزراعة ومزارعيها يستوجب زيادة عدد التراخيص واستلام الكميات الزائدة وحماية الزراعة كلياً .
نقابة مزارعي التبغ والتنباك
يؤكد رئيس نقابة مزارعي التبغ والتنباك في الشمال عبد الحميد سقر «أن النقابة تحركت منذ أربعة أشهر باتجاه الرئيس نبيه بري ووزيرة المالية ريا الحسن وإدارة الريجي للمطالبة بتقديم موعد تسليم المحصول، حيث كنا نسلم في العادة في كانون الأول، نحن الآن موعودون بأن نسلم بتاريخ 15-10 من كل عام، أي قبل الموعد بشهرين ونصف».
ويشير سقر إلى أن المسؤولين وعدوا المزارعين أيضا إلى جانب تقديم فترة التسليم، بتحسين الأسعار من قبل الوزارة والادارة بنسبة مئوية معينة حتى يشعر المزارع بتحسن الأسعار قياساً إلى السنوات الماضية. ويطالب سقر برفع الأسعار نتيجة غلاء المعيشة والمواد الزراعية والأسمدة واليد العاملة، فكل الأسعار ارتفعت إلا موسم التبغ والتنباك، حيث انه منذ سنة 1994 وحتى الآن ما زال السعر هو هو...
وأكد أن رفع السعر ضروري خاصة ان الموسم لهذا العام جيد كما أن الإنتاج جيد ووافر وبالتالي نأمل التجاوب من الإدارة بهذا الصدد