منتديات ليب مون

لم يسلم اللبنانيون هذه السنة من عواقب الصيف المشؤومة برمّتها. جاءت كلها دفعة واحدة. من الانقطاع الحاد في التيار الكهربائي جراء تزايد الطلب وقصور الطاقة الإنتاجية، مروراً بارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة لم تستثن منه المناطق الجبلية وقرى الاصطياف حتى، وصولاً إلى الصعود القياسي في أسعار السلع والمواد الغذائية مع حلول شهر رمضان.
وهو ما أضفى حرارة على الوضع المعيشي المتردي، تضاف إلى حرارة المناخ. علماً أن الأولى من صنع البشر فيما الثانية صنيعة عوامل الطبيعة. لكن يبدو أننا في لبنان لا سيطرة لنا على أي من الاثنتين.
إلى ذلك، ثمة مصيبة أخرى معطوفة على ما سبق.
فبعدما كان الفتوش من اللوازم اليومية التي لا غنى عنها للمائدة الرمضانية، صار السؤال الذي يؤرق رؤوس المواطنين: هل ما زال بالإمكان، في ظل الابتلاع الكبير الحاصل للقدرات الشرائية المحاصرة أصلاً بالغلاء الفاحش، توفير صحن الفتوش في رمضان؟ أم أن الاستغناء عن فوائده الغذائية والصحية جراء كلفته العالية بات أيسر وأسلم على الجيب؟!
يأتي ذلك طبعاً في ظل الارتفاع العشوائي والجائر الذي تشهده مكونات صحن الفتوش في مطلع رمضان من كل عام. فتجعل من صحن الفتوش طبقاً مشتهى على موائد الفقراء وذوي الدخل المحدود بعدما كان تحصيلاً حاصلاً في الأيام العادية..
هذا الارتفاع يعاود انخفاضه، ولو بمعدلات طفيفة في العادة، بعيد انقضاء الأسبوعين الأولين من شهر الصوم، بيد أنه يبقى عاجزاً عن استعادة مستويات الأسعار التي كانت سائدة قبيل رمضان. واستطراداً، يظل الانخفاض اللاحق عاجزاً عن امتصاص الإضعاف الذي حلّ بالقدرات الشرائية، لفترة قد تطول أو تقصر غداة انتهاء رمضان.
ذاك أن الغياب الفادح للأطر الرسمية المخولة بعملية الرقابة على الأسواق، وضبط الأسعار، يؤدي غالباً إلى تحقيق مصالح التجار عبر توسيع هوامش أرباحهم في هذا الشهر، وبلا مبرر اقتصادي مقنع، وعلى حساب مصالح وحياة ذوي الدخل المتوسط والمحدود، الذين يصير الشهر بالنسبة إليهم سبباً إضافياً للاستدانة، ولزيادة أعبائهم التي تكاد أصلاً تقصم أظهرهم. باختصار، الفقراء في رمضان، وبعكس ما يقال، متروكون لمصائرهم، ولا من يسأل!
الفتوش: صعوداً درّ!
أمّا مردّ القول أعلاه فيعود إلى كون أسعار مكونات صحن الفتوش، والتي بدأت تشهد ارتفاعاً تدريجياً في أسعارها قبيل رمضان، قد تعرضت لقفزة حادة مع بداية الشهر.
يتبدى ذلك جلياً لدى التجول في محال بيع الخضار. فصرخات النسوة المستنكرة وتنهداتهن، وهن يسألن عن سعر الخسة أو كيلو البندورة أو الخيار أو الفجل أو البقلة أو البصل وغيرها من فئات الخضر، واحدة.
حديث الغلاء الذي لا يرحم يتكرر على أكثر من شفة ولسان. فهو هذه السنة لا يقتصر على ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، بل يتعداها ليشمل فاتورة الاشتراك في المولدات الكهربائية الخاصة التي باتت تناهز المئة ألف ليرة للخمسة أمبير. هذا علاوة على فاتورة صهاريج المياه، والمترتبة على الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي ما يعوق جر المياه إلى البرك المنزلية. ويضاف إلى هذا جميعاً التوتر الشديد وضيق الخلق والحال المتأتي عن حرارة الجو المرتفعة التي لامست مستويات غير مسبوقة.. والأخير يفعل فعله في صحة المواطن، بعدما أنزلت بمدخوله ضربات موجعة تتخطى حدود المنطق والمعقول.
وقد ازدادت أسعار مكونات صحن الفتوش في اليوم الأول من رمضان على النحو الآتي:
ارتفع سعر كيلو الخيار 500 ليرة، من 1500 إلى ألفي ليرة، أو ما نسبته 33.33 في المئة مقارنة ببداية الشهر. وارتفع سعر الخسة 500 ليرة، من ألفين إلى 1500 ليرة، أو ما نسبته 33.33 في المئة. وارتفع سعر البصل 500 ليرة، من ألف إلى 1500 ليرة، أو ما نسبته 50 في المئة. وارتفع سعر باقة الفجل 500 ليرة، من 250 إلى 750 ليرة، أو ما نسبته 200 في المئة. وارتفع سعر باقة النعنع 500 ليرة، من 500 إلى ألف ليرة، أو ما نسبته 100 في المئة. وارتفع سعر باقة البقلة 500 ليرة، من 250 إلى 750 ليرة، أو ما نسبته 200 في المئة. وارتفع سعر باقة البقدونس إلى 500 ليرة، بعدما كانت الباقات الثلاث بـ500!
كما ارتفع سعر كيلو الفليفلة ألف ليرة، من ألف إلى ألفي ليرة، أو ما نسبته 100 في المئة. وحافظ سعر كيلو البندورة على سعره المسجل بداية الشهر عند حدود 1500 ليرة.
مؤشر صحن الفتوش
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والتجارة تعدّ مؤشــراً لصـحن الفتوش يرصد التقلبات اليومية في حركة أسعار العناصر المكونة للطبق. والمؤشر، الذي سيصدر بصورة يومية، يتألف من مجمل العناصر التي يتكون منها صحن الفتوش، كما يعتمد مقادير محددة من كل عنصر للصحن الواحد.
ويشرح رئيس المكتب الفني للأسعار في وزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور علي برو لـ«السفير» أن المؤشر يقارن ما بين الأسعار المسجلة في كل يوم من أيام رمضان، والمعدل المسجل للأيام المنقضية منذ بداية الشهر.. على سبيل المثال، في اليوم الأول من رمضان (أمس) يقارن المؤشر ما بين الأسعار المسجلة فيه، ومتوسط تلك المسجلة في الأيام العشرة الأولى من شهر آب.
وقد سجل مؤشر الوزارة لليوم الأول، وفق برو، ارتفاعاً بنسبة 8،38 في المئة، قياساً بالمعدل المسجل في الأيام العشرة الفائتة منذ بداية الشهر. ويؤكد برو أن الأسعار في العادة ترتفع في اليوم الأول من رمضان بنسبة تتراوح ما بين 8 إلى 12 في المئة، من جراء تهافت الناس على الأسواق بغية الشراء والتموين، الأمر الذي يرفع الطلب بحدة.
وعن معدل الزيادة في اليوم الأول، يقول برو إن الزيادة المسجلة في هذا اليوم تقارب معدل الزيادة المسجل في اليوم الأول للسنوات الفائتة. ويتوقع أن تبدأ الأسعار بالانخفاض ابتداء من اليوم الخامس أو السادس، بحيث تعود إلى المستويات المسجلة قبيل رمضان.
احتياطي القمح يكفي حتى نهاية الـ2010
من جهة ثانية، وبعدما فرض الحظر على صادرات القمح في روسيا موجة من القلق المحلي والعالمي، نفت وزارة الاقتصاد والتجارة في بيان أمس، «وجود أزمة قمح في لبنان»، وأكدت أن «لا صحة للمعلومات أو التسريبات التي تتحدث عن ذلك».
وطمأنت الوزارة اللبنانيين «إلى أنها اتخذت كل الاجراءت المطلوبة لتأمين احتياطي لبنان من القمح حتى نهاية العام 2010، حتى ولو واصلت الشركات الروسية المصدرة الامتناع عن تسليم كميات القمح للمطاحن والشركات اللبنانية المستوردة خلافاّ للعقود الموقعة معها بهذا الشأن، بحجة تناقص المحاصيل نتيجة الجفاف والحرائق

الصوم والتقنين وحرارة الاسعار بنتحملن بس الطقس عامل ازعاج