منتديات ليب مون

صورة من 6 شباط الماضي لامرأة منقبة خلال تظاهرة في مدينة تور الفرنسية

النقاب للكرنفال وحده، وغير ذلك، فلا في بلجيكا. من دون طلب معلل وإذن مسبق من البلدية، لن يتاح للنقاب أن يعمر ما بعد الصيف في المملكة الفدرالية. والمكان الوحيد الذي يتسامح فيه المدّعي الملكي مع النقاب، هو في الكرنفالات.
ولكي يصبح القانون نافذاً، يجب أن يقترع البرلمان البلجيكي في الثاني والعشرين من شهر نيسان الحالي، على توصية لجنة شؤونه الداخلية، التي ختمت أعمال آذار، أمس، بتقييد الظهور بالنقاب، للتنكّر فحسب. ونظراً للإجماع النادر الذي يعبر الأحزاب البرلمانية حول هذه المسألة، لن يكون صعباً أن يبدأ الصيف وقد سبقت بلجيكا أخواتها الأوروبيات، إلى تحريم النقاب فوق أراضيها.
القانون المقترح، لا يخصّ النقاب بالحظر، ولا يسمّيه. ولكنه قضى بتغريم أو سجن سبعة أيام كل من يخفي وجهه، أو يجعله عصياً على التعريف في الأمكنة العامة، من إدارات ومبان وشوارع وحـدائق ومطاعم ومدارس وملاعب. المشرعون استندوا في تبريرهم لقانونهم، الى الحفاظ على الأمن، الذي تتهدّده الوجوه المبرقعة، وكرامة المرأة والمبادئ الأساسية للديموقراطية.
ويخيّم شبح النقاب الأسود على أوروبا. وتشغل المنقبات البرلمانات في الدنمارك والنمسا وإيطاليا وهولندا وفرنسا. وقد تصطدم الإرادة السياسية بتحريمه، باحتمال الطعن بدستورية أي قانون يتوافق عليه البرلمان، يحظر النقاب في الشارع. مجلس الدولة الفرنسي أعلى هيئة إدارية في الجمهورية، أفتى بذلك أمس الأول رداً على طلب من رئيس الحكومة فرانسوا فيون، يستشيره في تشريع يمنع النقاب في فرنسا، دون استثناء أو تحديد جغرافي.
ذلك أن العلمانية ليست كائناً كونياً مجرداً من أي حدود، على ما اعتقدت الحكومة. الشارع، كما همس في إذنها حكماء المجلس، لا يزال في الجمهورية حيز محايد يمكن للسلفية أن تجهر فيه بنقابها، وأن تختار النسوة المبرقعات القطيعة، إذا شئن ومن دون خوف، مع تقاليد التحرر النسوي، والمساواة التي دفعت فرنسيات كثيرات، ثمناً غالياً لإرسائها.
ومنذ افتتاح المعركة مع النقاب، قبل تسعة أشهر بخطاب للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال فيه إن النقاب غير مرحّب به في الجمهورية، لم تألوا جهداً لجنة نيابية مؤلفة من ممثلي الأحزاب البرلمانية كافة للعثور على وسيلة قانونية تستأصل النقاب من فرنسا.
وتتسم جبهة مقارعة النقاب في أوروبا كلها، وفي فرنسا خاصة، باحتشاد عابر لكل الأطياف السياسية، من الساركوزية إلى الاشتراكية فاليسارية، مع لكنة نسوية واضحة في خطابها الاعتراضي. كما يتسم السجال، باقتحام مدهش للسياسيين «العلمانيين» من كل حدب وصوب، ميدان الإفتاء في مكانة النقاب في العبادات الإسلامية. وكان المؤتمر الصحافي الذي عقدته لجنة دراسة تحريمه البرلمانية، نموذجياً في تبحر بعضهم بمرجعيات فقهية إسلامية مفاجئة قضت مع ذلك كلها بما أفتى به الرئيس ساركوزي أمام النواب «من أن النقاب ليس من الإسلام في شيء، وهو يسيء إلى كرامة المرأة».
ورغم أن الحرب بين الجمهورية والنقاب لم تستعر على ما شهدته مع شقيقه الأصغر الحجاب، والاحتجاج بالعلمانية لتقنين حضوره في المدارس بشكل خاص، تبدو العلمانية بعيدة في خلفية المشهد، ويستند تحريم النقاب «بالإضافة إلى كرامة المرأة، إلى دواعي الحفاظ على الأمن العام بعد إخراج النقاب من الدين، وهو ما أيده مجلس الدولة ايضاً. ولم يبخل نواب بالاحتجاج بتعارض النقاب، مع التدابير الأمنية، خصوصاً مع الإستنفارات وخطط الطوارئ، وتهادي فرنسا بين درجاتها المحذرة من أعمال إرهابية، صعوداً وهبوطاً، مما يستدعي وينبغي أن يسمح لقوى الأمن أن تصادر النقاب للتأكد من هوية حاملته، أو حامله ربما. لكنه أمر تفرضه الضرورة ولا يحتاج إلى أي تشريع.
ووحدها الضرورات الأمنية والغش في الهوية، وليست الإيديولوجية التي جعلت مجلس الدولة يترك للحكومة ولمجلس النواب أن يختار من الإدارات ما شاء، لإغلاقها في وجه المنقبات، واشتراط السفور في الإدارات العامة او وسائل النقل والأسواق التجارية والمخازن. لكنه لم يجد مبرراً قانونياً لتحريمه في الشارع.
ومع ذلك، فلا يبدو أن الحكومة، قد تأخذ بالحدود التي أشار إليها مجلس الدولة. فرئيس حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» جان فرانسوا كوبيه، دعا النواب «إلى تحمل مسؤولياتهم». ورئيس الحكومة وعد النواب «بقانون يذهب إلى أبعد حد ممكن في تحريم النقاب، يحترم المبادئ الأساسية للحقوق»، وهو إيقاع حذر يأخذ علماً باحتمال الطعن بالقانون. أما رئيس مجلس النواب، فلا يزال على حذره من «أن هموماً أخرى تشغل فرنسا، وأكثر استعجالاً من النقاب».
ألفا نقاب في فرنسا كلها، بحسب إحصاء وزاري، 815 نقاباً تحاصر باريس، والبقية في الجنوب، وبعض الجزر. في فرنسا ستة ملايين مسلم، بحسب إحصاءات غير رسمية.

شكرا عالخبر
تحياتي لعيونك