منتديات ليب مون

عن غير عادة، عرضت بدرية على رامي صباحا أن تعدّ له البيض المقليّ كوجبة فطور. وبالطبع، تعجّب الأخير من معاملة زميلته الإستثنائية، فهي لم يسبق لها أن عرضت عليه مبادرات مثيلة. ولمّا سألها عن سبب معاملتها الحسنة له، لم تتمكّن الصديقة أن تخفي كذبها، فصرّحت له وهي تضحك ببراءتها المعهودة أنّها إستولت الأمس على لوح الشوكولا خاصّته. فاستنفر رامي وسألها لمَ لم تأكل نصف اللوح وتترك له النصف الآخر، أجابته المذنبة أنّها تقاسمته مع طاهرة. إلا أنّ أسمى لم تنطلِ عليها الحيلة وأخبرت صديقتها أنّها أحضرت بنفسها علب الطعام أمس ورأت ما في داخل كلّ منها. ثمّ أضافت أنّ طاهرة حصلت أمس على قطعة حلوى في علبتها لذا من المستبعد أن تكون قد طلبت من بدرية تقاسم لوح الشوكولا معها. ضحكت الأخيرة وبدأت تبرّر أنّها بالفعل تشاطرت حلوى رامي مع طاهرة. فهل من المعقول أنّها لم تأكل الشوكولا بمفردها؟ وأليس بات بديهيّا أن تكذب مرّة أخرى كي تتجنّب عقابا مريرا ينسيها طعم الشوكولا الحلو؟!

لاحظت أستاذة الفوكاليز ماري محفوض أنّ اللامبالاة أصبحت متفشيّة بين طلابها، إذ لا أحد منهم يعمل بنصيحتها ، وخصوصا في ما يتعلّق بالنوم باكرا، والإستيقاظ باكرا، وتناول الفطور قبل حضور صفّها؛ وهي كلّها نصائح ضرورية لتلافي التعب والدوار في أثناء قيامهم بتمارين الفوكاليز التي تتطلّب أساسا الكثير من الطاقة والتركيز. وليست المرّة الأولى التي تستاء الأستاذة ماري من طلابها إلى تلك الدرجة، فهي نبّهتهم إلى تلك النقطة مرارا وتكرارا، إلا أنّه يبدو لا حياة لمن تنادي! وفي لحظة ثورة، وقفت وأكّدت لهم أنّ لا أحد منهم سينجح في الوصول إلى النجومية لأنّ النجومية الحقيقية تحتاج إلى المثابرة، والجهد، والتعب، وخصوصا الجدّية.

أحبّ الطلاب أن يقوموا بلفتة يتذكّرون فيها زملاءهم الذين خرجوا من البرنامج، وبرعاية مندوب الطلاب رامي، إنطلقت الحملة وبدأت الإستعدادات من تحضير أوراق الكرتون وأقلام الحبر والأفكار والتمنيّات والأحاسيس التي سينقلونها إلى زملائهم. وهكذا، أخذ كلّ طالب يكتب تحت صورة زميل من زملائه السّابقين ما يرغب في نقله إليه من مودّة واشتياق وتمنيّات بالتوفيق.

إتّصل ناصيف بوالدته ليأخذ منها الأخبار الطيّبة، وبالفعل كانت الأخبار جدّ سارة! فأمّه أعربت له عن فرحتها الكبيرة لفوزه بالتوب 1 وباركت له على الهديّة التي تلّقّاها وهي فتح حساب خاصّ له في المصرف بقيمة 4000 دولار أميريكي. عندئذ، قاطعها ممازحا "أرأيت، أصبح لدي حساب في المصرف!" فضحكت أمّه، واستدركت كلامها طالبة منه أخذ الحيطة في صفّ الرياضة، فهي كانت تشاهده عبر التلفاز وعلمت بإصابته وقلقت عليه كثيرا لرؤيته بحالة سيئة. وعدها الإبن بأن يحترس من الآن وصاعدا وودّعها وقبل أن تنتهي دقيقة المكالمة، طلبت منه أخته نانسي بصورة غير مباشرة، أن يرسل سلامًا حارّا لجوزف عطيّة يوم زيارته الأكاديميّة.

من المعروف أنّ رحمة ملاكمة قويّة ومشاكسة عنيفة تتمرّن دوما على محمد رمضان، فتداعبه تارةً بضربة على كتفه، وطورًا على بطنه إلى أن يطفح الكيل. وبما أنّ محمد رمضان صَبور بطبعه إلا أنّ للصبر حدود؛ فلمّا كان يدافع عن نفسه من هجوم صديقته المستمرّ، ضرب أنفها عن غير قصد طبعًا، وكانت الضربة قاسية إذ سمعت أصداؤها في أرجاء الحديقة! لا تصدّقوا، إنّها مجرّد ضربة طفيفة ولكنّ رحمة أرادت ان تلفت انتباه محمد على سبيل المزاح طبعا، لذا بالغت في ردّ فعلها! وما هي إلا لحظات حتّى رضيت رحمة ونسيت ضرب الحبيب وسرعان ما بات أحلى من الزبيب

لم يفلت طالب واحد من العواقب الوخيمة التي ترتّبت عن تمارين جورج الرياضية لا بل العسكريّة؛ فالدوار، والتقيؤ، ودقّات القلب السريعة، والتعرّق المفرط، تلك كانت أبرز الإصابات التي طالت جميع الطلاب من دون إستثناء. فرحمة لم تتمكّن من تمالك نفسها، لذا انسحبت من الصفّ ودخلت الحمام بسرعة، وذلك على الرغم من صراخ جورج الذي حاول منعها الخروج من الصفّ وطلب منها إستكمال التمارين إن كانت تسعى إلى تعزيز مناعتها. أمّا ناصيف، فقد قصد الفراش حيث استلقى إلى جانب محمد رمضان لإصابتهما بالدوار الشديد. وسرعان ما إنتشرت تلك الإصابات بين الطلاب التسعة كافّة، وأمام هذا الشلل التامّ في الحركة، إضطر جورج لإنهاء حصّته وحضّرطلابه نفسيّا لتمارين يوم غد التي ستكون أشدّ وأكثر قساوة بأشواط من تدريبات اليوم.