منتديات ليب مون

جنود الجيش اللبناني على متن بارجة تابعة للبحرية اللبنانية يسحبون الجناحين الخلفيين للطائرة


كان للساعات الثماني والأربعين المنصرمة، التي بدأت صباح السبت، أن تضع نتائج ثلاثة عشر يوماً من البحث المتواصل عن جثث ضحايا الطائرة الاثيوبية المنكوبة وصندوقيها الأسودين وحطامها، على السكة الصحيحة بما خفف، ولو قليلا، من مرارة وحسرة عائلات الضحايا الذين اقتصرت آمالهم، بعد مضي كل هذا الوقت على الحادث - المأساة، على إمكانية الاطمئنان إلى انتشال جثث أحبائهم من قاع البحر، تمهيداً لمواراة كل من منهم في الثرى.
والأهم في الموضوع برمّته، هو أنه تم العثور ليلاً، وفقاً لتأكيدات الجيش اللبناني، على ثماني جثث من الضحايا الـ 75 التي كانت لا تزال مفقودة، فيما أكد وزير الصحة محمد جواد خليفة لـ «السفير» أن المستشفى تسلم سبع جثث، وهو العدد نفسه الذي قام عناصر الصليب الأحمر اللبناني بنقله من القاعدة البحرية العسكرية في مرفأ بيروت إلى المستشفى عينه.
وأكد الوزير خليفة لـ «السفير» أن وضعية الجثث التي عثر عليها أمس، والتغييرات التي طرأت عليها، لا تسمح بتحديد هويتها حتى بالنسبة للون البشرة، نافياً أن تكون هناك أي أوراق أو مقتنيات موجودة مع الجثث قد تؤشر إلى هوية أصحابها.
وأشار وزير الصحة إلى أن شركة الطيران الاثيوبية ستقوم مبدئياً بنقل جثث الضحايا الاثيوبيين الخمس (رجل وأربع نساء) الذين حُددت هوياتهم إلى بلادهم على طائرة تغادر مساء اليوم لتسليمهم ِإلى عائلاتهم.
وتمخض يوم أمس عن خطوة مهمة أخرى، تمثلت بالعثور على الصندوق التقني للطائرة، المعروف بالصندوق الأسود أو «السجل الرقمي» ورمزه «دي.اف.دي.آر»، وهو الحجر الأساس في عمل لجنة التحقيق الدولية الخاصة بالطائرة. واستمرت عمليات البحث ليلاً عن صندوق التسجيلات الصوتية الذي يؤدي دوراً مسانداً في عملية التحقيق في الحادث.
وفي ساعة متأخرة من ليل أمس، أكدت مصادر مواكبة لعمليات البحث على متن «أوشن آليرت» لـ «السفير» أن «فريق السفينة يستمر في تخطيط المنطقة الواقعة غربي شاطئ الناعمة (تخطيط صوتي)، وهي المنطقة ذاتها التي انتشلت منها جثث الأمس والصندوق الأسود التقني الرئيسي وأجزاء أخرى من حطام الطائرة.
عمليات البحث
وحددت المصادر «انه يجري تصوير المنطقة بالفيديو عبر الغطاس الآلي ROV الذي يساعد غطاسي المغاوير في الجيش اللبناني في تحديد مواقع ووضعية الجثث التي يعملون على انتشالها تباعاً، على أن يغطس المغاوير بعد إنهاء الغطاس الآلي عمله «لأنه لا يمكن أن يعمل في الوقت نفسه مع الغطاسين من البشر لدقة التقنيات المزود بها».
ورجحت مصادر «أوشن آليرت» العثور على غالبية جثث الضحايا والصندوق الثاني الخاص بالتسجيلات الصوتية وبقية أجزاء الطائرة في المكان نفسه، أي على عمق يتراوح بين 45 إلى خمسين متراً وبقطر سطحي يمتد على مسافة حوالى ثلاثين ألف متر مربع.
وأوضحت المصادر انه إذا تم انتشال وتجميع الأجزاء التي عثر عليها بالإضافة إلى الحطام الموجود في الأعماق، وبعض القطع الصغيرة التي عثر ويعثر عليها تباعاً طافية على سطح البحر، «فقد نصل إلى هيكل كامل للطائرة». وربطت المصادر متابعة عملية انتشال حطام الطائرة، وليس الجثث وصندوق التسجيلات الصوتية، بقرار لجنة التحقيق الدولية الخاصة بتحديد أسباب حادثة التحطم.
ويرتبط قرار استكمال انتشال بقية الحطام بما ستصل إليه لجنة التحقيق الدولية بعد فتح السجل الرقمي (الصندوق الأسود) في باريس والذي من المقرر أن ينقل فجرا على متن طائرة خاصة تعود لرئيس الحكومة سعد الحريري إلى العاصمة الفرنسية. وفي حال تم العثور على الصندوق الأسود الثاني، الصوتي، قبل ذلك، فسينقل الاثنان معا.
وتؤكد المصادر أن «اوشن آليرت» ستستكمل ليلاً عملها في تصوير الإحداثيات اللوجستية في المنطقة بناء على مجريات عمل الجيش اللبناني التي يستكمل عناصر فوج المغاوير البحرية فيه عمليات الغطس لانتشال جثث الضحايا المتوقع العثور على غالبيتها في المنطقة عينها».
وغادر بيروت مساء أمس عضوا مكتب التحقيق الفرنسي بحوادث الطيران يان بوليكان وايمانويل دولبار عائدين إلى باريس بعد مشاركتهما في التحقيقات الأولية التي جرت في لبنان عقب سقوط الطائرة الأثيوبية.
ومن المقرر أن يتابع الخبيران الفرنسيان مسار التحقيق في فرنسا بعد اكتمال الإجراءات بنقل الصندوقين الأسودين العائدين للطائرة واللذين عثر على أحدهما فيما يتوالى البحث عن ألآخر.
الأولوية لانتشال الضحايا
وليلاً، أصدرت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني بياناً أشارت فيه إلى أن «أوشن آليرت» تقوم بطلب من قيادة الجيش، «بمسح تصويري لحطام الطائرة المنتشر في بقعة العمل المعلن عنها سابقا، بهدف استكمال أعمال الغطس، لإعطاء الأفضلية في عملية الانتشال لضحايا الطائرة».
وأشار وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لـ «السفير» الى «أن انتظام العمل في الأيام الأخيرة بالتنسيق مع الجيش اللبناني والخبراء الدوليين المشاركين وفريق عمل «أوشن آليرت»، ووضع «المعطيات المتوافرة السابقة جميعها على طاولة البحث والتداول في اجتماعات متتابعة وتنسيقية ومن ثم الخروج بخطة عمل أنتجت رصد الموقع الحالي». ويؤكد الوزير العريضي أن كل التقنيات اللازمة لعمليات التصوير الصوتي وبالفيديو كانت جاهزة، وكذلك تقنيات الانتشال اللازمة والمتوافرة عبر تجهيزات السفينة «يو اس ان اس غرابل».
ويؤكد العريضي أن الأولوية كانت في الاساس لعملية انتشال جثث الضحايا، وتم الاتفاق «أن يتولى الجيش اللبناني المهمة ضمن توجيهات لجنة التحقيق الدولية الخاصة بالطائرة، كون العمق الذي عثر فيه على الجثث والحطام يقع ضمن إمكانيات غطاسي مغاوير الجيش».
وأكد العريضي أن «غطاسي المغاوير يعملون وفق تعليمات الجيش طبعاً وكذلك لجنة التحقيق لناحية كيفية العمل بما لا يؤثر على مجريات التحقيق ولا يمس بالمعطيات المتوافرة، وطبعاً يجري كل ذلك بعد تصوير المنطقة وحفظ وضعيتها قبل المساس بها وفقاً للمتطلبات التحقيقية اللازمة».
ويشير العريضي إلى أن انتقال «أوشن آليرت» من منطقة الناعمة التي بدأت بمسحها منذ اليوم الاول لوصولها إلى لبنان، إلى منطقة أخرى بمساحة خمسين كيلومترا مربعا وعلى أعماق مختلفة عن المنطقة الاولى قد تم بناء على طلب من غرفة العمليات الاساسية وبناء على موقع التقاط الذبذبات». وأكد أن عملية البحث التي تمت قبالة المنارة تمت أيضا بعد رصد أجسام مشبوهة في المنطقة، تبين بعد تصويرها انها اجسام بحرية جيولوجية، وعليه عادت «اوشن آليرت» إلى المنطقة الأولى.
وأكد العريضي انه تلقى مساء السبت معلومات من سوريا تفيد بالعثور على قطعة ثالثة من الطائرة الأثيوبية بطول مترين ونصف المتر عند الشاطئ شمالي اللاذقية، بعدما كان قد أعلن نهاراً اكتشاف القطعة الثانية على شاطئ اللاذقية أيضا. وكان قد تم العثور على القطعة الاولى قبل أيام عند شاطئ طرطوس. ويتسلم لبنان القطع الثلاث اليوم الاثنين.
كما ووزع الجيش اللبناني ملخصاً عن نتائج عمليات البحث عن المفقودين وحطام الطائرة، مؤكداً العثور على ثماني جثث للضحايا، بالإضافة إلى انتشال الجناحين الخلفيين للطائرة والصندوق الأسود وأجزاء من الحطام. وأكد الجيش في بيانه أن الوحدات المشاركة تتابع البحث، مؤكدا أن ما حصل جاء نتيجة «للجهود المشتركة للقوات البحرية اللبنانية ولفوج مغاوير البحر، بالتعاون مع فريق العمل الفرنسي وفريق عمل السفينة «أوشن آليرت» والسفينة الأميركية «يو اس.ان اس غرابل»، وبإشراف المدير العام للطيران المدني ورئيس اللجنة الفنية الدكتور حمدي شوق، نائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش، وان العمليات تمت في البقعة الواقعة على مسافة أربعة كيلومترات غربي رأس الناعمة.
سعة برادات المستشفى
وأكد وزير الصحة محمد جواد خليفة أن فريق عمل مستشفى رفيق الحريري الحكومي قد اتخذ كل الإجراءات التقنية لتكون هناك تجهيزات وبرادات لازمة لاستيعاب جميع الجثث بحال تم اكتشافها وانتشالها، مؤكداً أنه يمكن للمستشفى استيعاب خمسين جثة «وفي حال لزم الأمر لدينا حوالى أربعين براداً نقالاً تعمل على الكهرباء يمكن استقدامها من مستشفى صور الحكومي إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي».
أضاف خليفة أن «كل الاحتياطات جاهزة منذ اليوم الأول للكارثة لكن بطبيعة الحال ميدانيا وتقنيا يتم تحريك الأمور بحسب عدد الجثث الذي نستلمها، وكذلك الأمر بالنسبة لإجراء فحوصات الحمض النووي حيث بإمكان فريق عمل المختبر السير بعملية تحديد هوية أصحاب الجثث في وقت اقل من السابق، خصوصاً بعدما تم الانتهاء من وضع خريطة الحمض النووي لكل عائلات ضحايا الطائرة».
وأكد الوزير خليفة أنه سيتم إجراء «تصوير شعاعي كامل لكل جثة جديدة تصل إلى المستشفى للتأكد إذا كان هناك بداخلها أجسام غريبة وغير ذلك».