منتديات ليب مون

أمضى الجيش نهارا طويلا أمس مع كل مسؤولي وأجهزة الدولة، في عمليات انتشال جثث ضحايا وحطام الطائرة الاثيوبية طراز «بوينغ 737-800»، والتي سقطت في البحر قبالة شاطئ السعديات.
وقد وصلت المعلومات الى قيادة الجيش قرابة الثالثة صباحا عن سقوط الطائرة، بعد ترجيح إصابتها بصاعقة نتيجة دخولها عاصفة رعدية، ادت الى اشتعالها فهوت بسرعة وهي مشتعلة في البحر وتناثرت قطعاً في المياه، على بعد نحو أربعة كيلومترات من الشاطئ اللبناني، فاستنفرت قيادة الجيش وحداتها البحرية والجوية والبرية، وباشرت منذ ظهور خيوط الضوء الاولى عمليات البحث، عن الناجين وجثث الضحايا، ولكن تبين للأسف ان اي راكب لم ينجُ، نتيجة قوة الانفجار والسقوط في البحر، من ارتفاع نحو سبعة الاف متر.
وقد صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه البيان الاول عن الحادث، وفيه: «عند الساعة الثانية والنصف فجراً ولدى إقلاع طائرة بوينغ تابعة للخطوط الجوية الاثيوبية من مطار رفيق الحريري الدولي وعلى متنها 90 راكبا شوهدت تندلع فيها النيران ثم ما لبثت ان سقطت في البحر قبالة منطقة الناعمة على مسافة ثمانية كيلومترات من الشاطئ. وعلى الفور تدخلت وحدات تابعة لكل من القوات البحرية والقوات الجوية اللبنانية وفوج مغاوير البحر بمؤازرة طوافات وزوارق بحرية تابعة لقوات الامم المتحدة المؤقتة في لبنان، وقد استطاعت البحرية اللبنانية تحديد مكان سقوط الطائرة وتستمر القوى المذكورة بعمليات الإغاثة والانقاذ فيما تقوم وحدات اخرى بتفتيش الشاطئ».
سليمان في اليرزة
وانتقل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قرابة السابعة والنصف صباحا الى وزارة الدفاع، حيث استقبله المرالذي كان قد حضر باكرا الى مكتبه في الوزارة، وتوجها مع قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء شوقي المصري وكبار ضباط القيادة الى غرفة عمليات القيادة، حيث قدم مدير العمليات في الجيش العميد الركن مارون حتي شرحاً مفصلاً عن حيثيات الحادث بناء على المعلومات التي توافرت للجيش من قبل القطع المنتشرة قبالة منطقة وقوعه، مشيرا الى أن الحادث وقع على خط عرض 33/49 شمال لجهة مسبح كوستا برافا، وخط طول 33/25 شرق لجهة الناعمة، وتم على الفور استنفار كافة القوات البحرية والجوية والبرية التي بدأت بعمليات البحث والانقاذ بكافة الوسائل المتوافرة، ومنها ثلاث طوافات بدأت العمل فوراً مع طائرة «سيسنا» وبقيت اربع طوافات جاهزة في المطار، فيما تحركت في البحر اربعة مراكب للقوات البحرية وبقيت طرادات أخرى بالانتظار للتدخل.
وأشار الى ان العمل يتم بالتعاون مع الدفاع المدني والصليب الاحمر وبالتنسيق مع القوات البحرية والجوية التابعة لـ«اليونيفيل» التي تدخلت للمساعدة عبر قطعتين بحريتين. واوضح انه تم العثور على زورق انقاذ «زودياك» مفتوح قبالة الناعمة، حيث وجد حطام الطائرة، وتم على الفور انتشال اربع جثث من الركاب الضحايا.. وتم تنظيم عملية سحب الجثث التي وجدت تباعاً.
ثم ترأس الرئيس سليمان اجتماعا في مكتب وزير الدفاع حضره الوزير المر والعماد قهوجي وعدد من ضباط قيادة الجيش، حيث أعطى رئيس الجمهورية التوجيهات اللازمة لمتابعة سير عمليات الانقاذ واتخاذ التدابير الكفيلة بمعرفة مصير الركاب وكافة ملابسات الحادث.
وكان الوزير المر فور تلقيه الخبر قد انتقل في الرابعة صباحا الى مكتبه في الوزارة، حيث تابع اعمال الإغاثة من غرفة عمليات متخصصة بالكوارث شكلت في قيادة الجيش، التي بدأت عملها بعد ثلث ساعة فقط من الكارثة. وأعطى المر توجيهاته بحصر الجثث في مكان معين في البحر وإحاطتها بمعالم لتتمكن البحرية والمروحيات من التقاطها، وإعطاء الاولوية للاهتمام بالتفتيش عن الركاب الناجين في تحطم الطائرة حتى لا يتوفوا نتجية البرد او الغرق، وعن المفقودين.
وظل المر يتابع تفاصيل عمليات سحب الجثث والبحث عن ناجين لحظة بلحظة مع غرفة العمليات، ويتلقى المعلومات الدقيقة عما يجري، حيث تبلغ قرابة التاسعة والنصف ان عدد الجثث المنتشلة بلغت عشراً، ثم تبلغ ان العدد بلغ خمس عشرة جثة، من بينها جثة كان تطفو على سطح الماء ولا زالت مربوطة بحزام الامان بمقعد الطائرة. وتم سحبها مع الكرسي بسلك الطائرة المروحي. وتوالت المعلومات عن انتشال الجثث حتى بلغ عددها قرابة الثالثة نحو 23 جثة.
وأعلن المر في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر اليوم الاثنين ان «عامل الطقس هو مبدئياً سبب حادث الطائرة الاثيوبية» التي سقطت فجرا في البحر قبالة الشاطئ جنوب بيروت وعلى متنها تسعون راكبا.
وقال المر «لا شيء يدل على عامل تخريبي»، مضيفاً ان «عامل الطقس» الذي يشهد منذ مساء امس الأول عاصفة قوية وامطاراً غزيرة، «هو سبب الحادث مبدئياً».
ورداً على سؤال عن احتمال تعرض الطائرة لانفجار، اجاب المر «لو كان هناك انفجار لما بقي شيء (...) حتى الآن لا شيء يدل على انفجار».
اضاف «ننتظر العثور على الصندوق الاسود والتسجيلات بين برج المراقبة وقائد الطائرة» التي ستوضح كل الحقيقة.
وقال «نقلت كل اجزاء الطائرة التي تم انتشالها الى احد المراكز العسكرية
وستسلم الى مديرية الطيران المدني لترسلها الى المختبرات المتعاقد معها في الخارج ليتم فحصها مع الصندوق الاسود والتسجيلات».
واكد «ان لا وقت محدداً لعمليات البحث»، مضيفاً «المهمة مستمرة للعثور على اي شخص على قيد الحياة».
اضاف «آمل خلال ساعات الليل ومع الدعم الفرنسي والبريطاني والاميركي بالتنسيق مع «اليونيفيل» ان تتعزز قدراتنا ليكتمل عدد ركاب الطائرة سواء كانوا متوفين او إن شاء الله على قيد الحياة».
واشار الى ان هبوط الليل الذي يحل قريبا «سيجعل المهمة اكثر صعوبة».
وقال المر ردا على سؤال لـ«السفير» ان الجثث التي انتشلت حتى قرابة العاشرة والنصف كانت متواجدة في بقعة واحدة في البحر، مشيرا الى صعوبة بالغة تواجه مغاوير البحر والمروحيات بسبب الطقس العاصف، منوها بجهود عناصر الجيش لا سيما مغاوير البحر الذين يخاطرون بالغطس في المياه بحثا عن جثث ومفقودين، ليصار لاحقا الى البحث عن الصندوق الاسود للطائرة، الذي يحوي كل المعلومات عن الرحلة والاتصالات التي جرت قبل سقوط الطائرة.
وقال المر للصحافيين في مكتبه، ان هناك وحدات بحرية «اليونيفيل» مزودة بسونار للبحث في عمق المياه، وانه تلقى طلبا من الاسطول السادس الاميركي الموجود في البحر المتوسط للمساعدة في عمليات التفتيش عن حطام وسحب الجثث، فوافق على الطلب شرط ان يتم التنسيق مع غرفة العمليات المركزية المشتركة للجيش و«اليونيفيل» في الجنوب.
وبالفعل، تبلغ المر ان طائرات «بي-3» انطلقت من الاسطول السادس باتجاه لبنان وأهمية هذه الطائرات انها مزودة بجهاز حراري يستطيع كشف الاجسام الحارة والباردة، اي الاشخاص الأحياء والمتوفين فيتم بذلك مساعدة الناجين وانتشال جثث المتوفين. اضافة الى تحرك قطع بحرية للمساندة.
كما تبلغ المر قرابة العاشرة والنصف، ان الطائرة العسكرية الفرنسية «اتلانتيك» وطائرتين مروحيتين بريطانيتين وطائرة قبرصية، اقلعت من عرض البحر المتوسط الى شواطئ لبنان للمساهمة في عمليات البحث بإشراف وادارة قيادة الجيش اللبناني.
وأوضح المر انه لا يفقد الامل بالعثور على ناجين الا بعد مرور 72 ساعة على الاقل على تحطم الطائرة. وانه اعطى توجيهاته الى الشرطة العسكرية لاستلام الجثث وللواء الطبي للكشف عليها بمحاضر رسمية، على ان يصار بعدها الاتصال بوزارة الصحة للقيام بالإجراءات اللازمة.
وعلمت «السفير» ان المر اتصل بالسفير الفرنسي بييتون مستفسرا عن سبب سفر زوجته على متن هذه الطائرة، وقدم له التعازي، وتبين ان الفقيدة كانت مسافرة لحضور مؤتمر عالمي بصفتها مترجمة دولية.
وفي الثالثة عصراًُ عقد المر مؤتمراً صحافياً، شرح فيه النتائج التي توصلت اليها عمليات البحث، وقال: مهمة البحث كما بدأت صباحاً مستمرة، ولا توقيت لها، للبحث عن أي شخص قد يكون على قيد الحياة او اي شخص قد يكون غرق.
أضاف: اتصل بي الرئيس سليمان ساعة وقوع الحادث وطلب وضع قوى الجيش و«اليونيفيل» بتصرف هذه الكارثة التي وقعت، ووضع نفسه بتصرف هذه القوى اذا احتاجت لأي دعم من الخارج كي نستطيع تأمين كل المستلزمات لإنقاذ كل الضحايا. واتصل الرئيس الحريري وبقينا معه على تواصل وهو يؤمن كل الدعم للجيش و«اليونيفيل» الموجودين في البحر والجو والبر.
وتابع: وبعد 20 دقيقة من حصول الحادث كانت القوى البحرية والجوية منتشرة في مكان الحادث، وشارك بالعلمية 9 طرادات من الجيش وإثنان من «اليونيفيل»، 6 طائرات من الجيش اللبناني و5 طائرات من «اليونيفيل»، وطائرتان فرنسية وبريطانية وكل الطائرات الأجنبية تتحرك عبر غرفة العمل المشتركة بين الجيش و«اليونيفيل».
وأعلن عن مجيء سفينة أميركية متخصصة وعليها معدات خاصة وغطاسون للمشاركة بعملية الانقاذ تستطيع المساعدة للاستمرار بالعملية ليلا لما تحتوي من معدات. وهي تنسق مع غرفة العمل التابعة لـ«اليونيفيل».
وأردف رداً على سؤال: ما قاله رئيس الجمهورية صباحا هي المعلومات المتوافرة ولا دلائل على عمل تخريبي، ومبدئياً عامل الطقس هو المسبب. خلال الساعات القادمة، مع الامكانات، المفروض ان نحصل على امكانات لمعرفة معلومات اضافية، وكل القطع من الطائرة التي انتشلناها نقلت الى مركز للجيش، وننتظر نتيجة التحقيق ولكن لا شيء يدل حتى الآن على عمل تخريبي.
ورداً على سؤال عن غياب المساعدة العربية، قال: الجهات العربية لم تقصر ابداً بمساعدة لبنان، وأي دولة تحب ان تساعد لبنان من الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع لبنان نرحب بها، خاصة ان هذه السفن لها طابع طبي وليس عسكرياً والأساس اليوم ان نساعد المنكوبين