منتديات ليب مون

الناجي الفليبيني رادا جوناثان في أحد مستشفيات طرابلس


فقد الأمل بشكل نهائي في العثور على ناجين من باخرة الشحن البنامية «داني إف 2» القادمة من مدينة مونتيفيديو في الاوروغواي وعلى متنها 83 بحارا، ومحملة بـ 57 ألف رأس من الأبقار والماعز، والتي غرقت في المياه الاقيليمية اللبنانية مساء يوم الخميس الفائت على بعد 11 ميلاً عن شاطئ ميناء طرابلس. وأمس لم يرتفع عدد الناجين عن أربعين بحاراً، في حين ارتفع عدد الضحايا إلى 17 شخصا تم انتشال 11 منهم بواسطة البحرية اللبنانية وقوات «اليونيفيل» ونقلوا الى مستشفيات طرابلس وعكار، وعثر على ست جثث على الساحل السوري بين شواطئ طرطوس واللاذقية وجبلة وبانياس، ليبقى 26 شخصا في عداد المفقودين.
وبات في حكم المؤكد أن المفقودين إما أن تكون قذفتهم الأمواج العاتية وسرعة الرياح التي بلغت 70 كيلومترا في الساعة، إلى مناطق مجهولة على الساحل السوري أو على الحدود التركية وفقاً لاتجاه التيارات البحرية، أو أن يكون بعضهم ما يزال في الباخرة التي استقرت في قعر البحر على عمق 1700 متر ضمن غرف مقفلة أو في غرف الصيانة أو غيرها، خصوصا أن بعضهم كانوا يعملون قبل انقلاب الباخرة وبتوجيهات من قبطانها البريطاني جون ميلو للحؤول دون تجمع الأبقار والأغنام في جهة واحدة مقابلة لضربات الأمواج، وذلك للتخفيف من الاحمال وإعادة التوازن الى الباخرة، ما يرجح أنهم لم يتمكنوا من الخروج.
وأكدت مصادر طبية لـ«السفير» أن أي إنسان غير قادر على البقاء في مياه البحر خصوصا إذا كانت درجة حرارتها أقل من 20 درجة كما كانت خلال العاصفة، أكثر من 36 ساعة، حيث تصاب الرئتان ما يؤدي الى الوفاة.
وتابعت القوات البحرية اللبنانية عمليات البحث، مستفيدة من تحسن الاحوال الجوية، بعدما أعاقت العاصفة وسرعة الرياح عملها خلال اليومين الماضيين، حيث خرجت خمس فرقاطات عسكرية تابعة لسلاح البحرية صباح أمس من مرفأ طرابلس الى موقع غرق الباخرة لمزيد من البحث والتفتيش عن الضحايا، في حين استمرت غرفة العمليات قائمة في مرفأ طرابلس بقيادة قائد القوات البحرية العميد نزيه بارودي، وبالتعاون مع مدير المرفأ أحمد تامر الذي يتابع تفاصيل العثور على الجثث مع المرافئ السورية، ويضع السفارات ووزارة النقل والجهات المعنية في كل المستجدات لاتخاذ الخطوات المناسبة، في حين استمرت عناصر الصليب الأحمر والدفاع المدني بجهوزية تامة للتحرك عند أي طارئ.
وعلمت «السفير» أن قوات «اليونيفيل» أوقفت عمليات البحث وسحبت ثلاث فرقاطات ألمانيتين وإيطالية، وكذلك سحبت الطائرتين اللتين قدمتا من قبرص، وذلك بعد فقدانها الأمل في العثور على ناجين من الباخرة المنكوبة.
الى ذلك غادر نحو 35 من البحارة الناجين مستشفيات طرابلس وعكار بعد خضوعهم للعلاج واستعادتهم عافيتهم، فيما أبقي على أربعة بحارة ما يزالون في حالة صحية سيئة، وأرسلت سفارات الفيليبين وباكستان والاوروغواي وروسيا عدداً من مسؤوليها للوقوف على حاجات رعاياها والعمل بالتعاون مع الامن العام اللبناني على إصدار أوراق ثبوتية جديدة لهم، إضافة الى جواز مرور يمكنهم من العودة الى بلادهم، وعلم ان كثيرا من هؤلاء نقلتهم سفاراتهم الى فنادق في طرابلس والشمال لحين انتهاء إجراءات تسفيرهم.
وأشارت مصادر مطلعة في مرفأ طرابلس لـ«السفير» إلى أن حوادث غرق البواخر في العالم غالبا ما تنتج بنسبة ثمانين في المئة عن أخطاء شخصية يرتكبها قبطان كل باخرة، وأن نسبة عشرين في المئة نتيجة ظروف اخرى، مؤكدة أنه كان على قبطان الباخرة «داني إف2» البريطاني جون ميلو أن ينتظر ضمن بركة مرفأ طرطوس، لحين السماح له بالدخول الى الرصيف بعد خروج إحدى البواخر وتفريغ نصف حمولته هناك، وأن لا يقوم بهذه المغامرة والابحار باتجاه مرفأ بيروت عكس التيار البحري والأمواج العاتية وتغيير وجهة الباخرة في عرض البحر حيث دفع ثمن ذلك حياته أولا، وأدى الى غرق الباخرة.
من جهته، أشار النائب روبير فاضل الى أن حمولة الباخرة المؤلفة من عشرات آلاف رؤوس المواشي والأبقار تستوجب التحرّك سريعا لسحب هذه الأعداد الكبيرة من قعر البحر فلا تصبح الكارثة كارثتين الأولى على الصعيد الانساني والثانية على الصعيد البيئي «إذ إنه لا يجب أن تبقى هذه الكمّية الكبيرة من المواشي النافقة في البحر لتتحلل فيه، أو أن تعوم المواشي النافقة على الشاطئ الطرابلسي فتؤدي الى تلوّثه وتشويه معالمه لتزيد على إهماله خرابا.