منتديات ليب مون

طفلتان أصيبتا في أحد التفجيرات تتلقيان العلاج في أحد مستشفيات بغداد أمس


يبدو أن قدر العراقيين، منذ الغزو الأميركي لبلدهم في العام 2003، هو السير في جنازات لا تنتهي جراء تفجيرات دموية، غالبيتها انتحارية، استهدفت، في ثالث هجوم منسق يقع في بغداد في اربعة اشهر، مؤسسات حكومية، ولا يمكن ادراجها في اي سياق سياسي سوى الرغبة في سفك الدم العراقي، كما لا يمكن وضعها في خانة المقاومة للاحتلال الاميركي، ولا حتى في خانة الفتنة المذهبية، خصوصا وانها تطال السنة والشيعة على حد سواء.
ولم يختلف يوم أمس عن الكثير من الايام السوداء التي عاشتها بغداد طوال السنوات الست الماضية، سوى في عدد القتلى الذي بلغ 127 عراقيا وعدد الجرحى الذي بلغ 513، والذين سقطوا جميعا قبل ساعات من تحـديد الرئاسـة العراقيــة موعد 7 آذار المقبل لإجـراء الانتخابات التشـريعية، التي يخشى ان تكون التحضيرات لها مجرد سباق محموم من اجل اسقاط المزيد من الناخبين العراقيين قبل بلوغهم صناديق الاقتراع.
وأعادت خمسة تفجيرات، 4 منها انتحارية، إلى الأذهان التفجيرات التي وقعت يوم «الأحد الأسود» في 25 تشرين الأول، و«الأربعاء الدامي» في 19 آب الماضي، وتم فيها استهداف وزارات سيادية ومراكز حكومية. هذه المرة كانت الأهداف: وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والمبنى الجديد لوزارة المالية، وداخل مجمع محكمة الكرخ قرب المنطقة الخضراء، وقرب مكتب تابع لوزارة الداخلية، وهي مواقع يفترض انها تخضع لاجراءات امنية مشددة.
وسارعت بغداد إلى الإعلان أن «الأيادي التي ارتكبت تفجيرات الأربعاء والأحد الداميين هي ذاتها التي استهدفت المواطنين الأبرياء. نخوض معركة شرسة مع البعث وتنظيم القاعدة والمعركة ما زالت مستمرة». وألمـحــت الــى ان التفجيرات الجديدة تدعم طلبها تدويل قضية إجراء تحقيق في حجم الدور الخارجي في العنف العراقي، بالإضافة إلى اتهامات الحكومة العراقية لسوريا بإيواء بعثيين اتهمتهم بالوقوف وراء تفجيرات 19 آب، وأدت إلى تأزم العلاقة بينهما بعد سحب بغداد لسفيرها في دمشق التي ردت بالمثل.

وتأتي الانفجارات بعد يومين من إقرار قانون الانتخابات في البرلمان. وقال رئيس ديوان الرئاسة نصير العاني، لقناة «العراقية»، انه «تم الاتفاق على السادس (من آذار) خلال اجتماع بين مجلس الرئاسة ومسؤولي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لكن اجتماعا آخر درس الحيثيات قرر تأجيلها يوما واحدا فقط إلى 7 آذار».
وقالت مصادر أمنية إن «ما لا يقل عن 127 شخصا قتلوا، وأصيب 450، بانفجار خمس سيارات، أربع منها يقودها انتحاريون في مناطق متفرقة من بغداد». وأعلن المتحدث باسم قوات الأمن في بغداد اللواء قاسم الموسوي إن عدد القتلى هو 63 شخــصا، فيما رفضت وزارة الصحة تحديد عدد القتلى «لان العديد من الجثث مزقت»، مشيرة إلى إصابة 513 شخصا.
ووقعت الانفجارات، بفارق زمني بسيط، ضد دورية للشرطة في منطقة الدورة، وفي نطاق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حي الاعظمية، وحرم المبنى الجديد لوزارة المال في سوق الرصافي وسط بغداد، ومجمع يضم محكمة الكرخ في المنصور، وقرب مكتب تابع لوزارة الداخلية في النهضة. وخلفت التفجيرات برك دماء وحافلات وسيارات محترقة ومدمرة وأشلاء بشرية متناثرة، في حين كان عمال الإنقاذ ينقلون الجثث في أكياس سوداء.
وأدان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في بيان، «ارتكاب العصابات الإرهابية المدعومة من الخارج من بقايا البعث والقاعدة مجزرة أخرى تحمل نفس البصمات السوداء التي طالما أوغلت بدماء الأبرياء، واستهدفت المؤسسات استمرارا لمخططاتهم المعادية ولإجهاض التجربة الديموقراطية». وقال إن «توقيت الاعتداءات الإرهابية الجبانة بعد نجاح البرلمان في تجاوز آخر عقبة أمام إجراءات الانتخابات يؤكد أن أعداء العراق يهدفون إلى إحداث الفوضى ومنع أي تقدم في العملية السياسية وتعطيل إجراء الانتخابات».
وأعلن المتحدث باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا أن «الأيادي التي ارتكبت تفجيرات الأربعاء والأحد الداميين هي ذاتها التي استهدفت المواطنين الأبرياء. نخوض معركة شرسة مع البعث وتنظيم القاعدة والمعركة ما زالت مستمرة».
وفي نيويورك («السفير»)، أكد مجلس الأمن الدولي، في بيان صاغته الولايات المتحدة، الحاجة لتقديم مرتكبي هذه الجريمة ومنظميها والممولين ورعاة هذه الأعمال الإرهابية البشعة إلى العدالة. وناشد البيان كل الدول التعاون بشكل فاعل مع السلطات العراقية في هذا الصدد، وذلك في إطار التزاماتهم وفقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأدان البيت الأبيض «بشدة» التفجيرات. فيما دعا السفير الأميركي لدى العراق كريستوفر هيل وقائد قوات الاحتلال الجنرال راي اوديرنو، في بيان مشترك، العراقيين إلى الاتــحاد ضد العنف.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، في بيان، إن سوريا «تدين بقوة التفجيرات الإرهابية التي ذهب ضحيتها عدد كبير من العراقيين الأبرياء». وأضاف «تؤلمنا الخسائر الباهظة التي يتعرض لها شعب العراق الشقيق ومؤسساته، ونعبر عن تعازينا لأسر الضحايا وعن تطلعنا لعراق موحد ومستقل آمن ومستقر».
وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست إن التفجيرات «تثبت ذروة معاداة الإرهابيين لشعب العراق»، مضيفا «أن هذه الأعمال لن تستطيع النيل من عزيمة الشعب والساسة العراقيين في السير بطريق تحقيق الاستقلال وتثبيت دعائم المؤسسات القانونية».
كما أدان التفجيرات كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف ورئيس الحكومة البريطانية غوردون براون ووزراء خارجية فرنسا برنار كوشنير وألمانيا جــيدو فيسترفيله وايطاليا فرانكو فراتيني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن والأمانة العامة لجامعة الدول العربية والقاهرة والملك الأردني عبد الله الثاني.
(«السفير»، سانا، ا ف ب،
ا ب، رويترز، يو بي أي)