منتديات ليب مون

مبارك وأوباما خلال مراسم الاستقبال في قصر القبة الرئاسي في القاهرة أمس


ميدان التحرير في وسط القاهرة وقد بدا مقفراً في منتصف النهار أمس


منذ العاشرة من صباح امس، ومصفف الشعر أمير في حي مصر الجديدة، يترقب وصول الرئيس الأميركي باراك اوباما الى القاهرة عبر قنوات التلفزيون، متنقلاً من واحدة الى أخرى بحثاً عن افضل تغطية تنقل له الحدث «المثير»، ومتخلياً، للمرة الأولى، عن القنوات الترفيهية التي يسلي بها زبائنه من النساء.
يسأل زبونة تطلي أظافرها ان كانت تفضل قناة «دريم» ام «النيل للأخبار»، تجيب وعيناها لا تفارق الشاشة التي تبث صور اوباما في قصر القبة الرئاسي في مصر الجديدة، «ششش! أريد أن أسمع!». تسأل «السفير» محمد، احد العاملين لدى أمير، عن رأيه في اوباما، فيجيب «انه افضل من غيره».
أمير غامر بمزاولة عمله اليومي، عكس كثيرين أغلقوا متاجرهم في فترة الصباح تحسباً للاحتياطات الامنية الشديدة التي شملت جميع الأحياء التي دخلت نطاق زيارة اوباما، وتلك التي مر فيها موكبه الضخم، بأعلامه الاميركية والسيارات المدرعة، التي أحضرت خصيصاً من الولايات المتحدة.
كان يوم امس أشبه بعطلة غير رسمية في معظم أنحاء القاهرة، التي بدت جميلة بعدما زُينت ونظفت وخلت من سياراتها، وحتى من سكانها، من اجل الضيف الاميركي.
وفي وسط العاصمة، ظل محل «اسماك النيل» في باب اللوق يعمل هو الآخر - على خلفية التلفاز الذي ينقل خطاب اوباما. العاملون والزبائن - القليلون جدا - يتحركون من دون ضجيج لأن الجميع يتابع «الريس الامريكاني». حتى والدات طالبات مدرسة «القلب المقدس» في مصر الجديدة، أسرعن باستلام نتائج امتحانات بناتهن أثناء ما كان اوباما في جلسته المغلقة مع الرئيس حسني مبارك، حتى يعدن الى منازلهن سريعاً قبل أن يصل الرئيس الاميركي الى جامعة القاهرة. تقول رانيا محمد والدة إحدى الطالبات «كان يجب عليّ أن استمع لما سيقوله، ولم يخيّب ظني، انه رائع. قائد أهم دولة في العالم ينبض منه الشباب والحيوية، عكس الذين يحكموننا».
ولعل تلك المقارنة، لما كانت ان تكون ملحة لولا أن مضيفه ـ مبارك ـ بدا عليه الإرهاق الشديد. فإضافة الى ظهوره العلني لمرتين فقط منذ وفاة حفيده في 19 أيار الماضي، لم يستقبل اوباما عند وصوله الى مطار القاهرة، ولم يستقبله أيضاً في مدخل قصر القبة، الذي التقاه فيه.
وإذا كان التصفيق المتكرر (30 مرة) الذي قوبل به خطاب اوباما في جامعة القاهرة، يعبر عن شيء، فهو ان المهتمين بكلمة الرئيس الاميركي في مصر خارج قاعة الجامعة، بدوا أكثرية. ورغم التعليقات التي انتقدت عموميتها او اسهابه في طرح معاناة اليهود، بدا معظم من تحدثوا الى «السفير» راضين عن الزيارة والخطاب، والأهم من ذلك كله، الرجل ذاته.
يقول القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عصام العريان لـ«السفير»، إن خطاب اوباما «جيد وناجح ومن وجهة نظره ـ اي اوباما ـ حقق هدفه»، وذلك لأنه «عزل القاعدة والتيارات العنيفة عن المسلمين والإسلام، بينما (جورج) بوش كان يفعل العكس ونجح، بسياسته، في انتشار القاعدة».
الا ان العريان انتقد ما اسماه «مساواة» الرئيس الاميركي معاناة اليهود بمعاناة الشعب الفلسطيني. «فما شأننا نحن بهذا الموضوع؟ كان يجب ان يظهر احتراماً لإرادة الشعب الفلسطيني وان يتسم حديثه في هذه القضية بوضوح أكثر». وربما صبّ هذا في مصلحته، كما يقول العريان، «لأنه ابتعد عن المناطق الملتهبة، وهذا ذكاء منه». ولم يخف القيادي الاخواني رغم ذلك، إعجابه بأوباما، ووصفه له بانه «يتمتع بكاريزما طاغية، وهو خطيب مفوّه».
أما أيمن نور، الرئيس السابق لحزب «الغد» المعارض والذي أفرج عنه في شباط الماضي «لأسباب صحية»، في إجراء فهم على انه رسالة تصالح مع ادارة اوباما، فقال لـ«السفير» عن الخطاب «إنه افضل مما توقعناه»، معتبراً ان حديثه عن الديموقراطية هو «من نوع الدفع بطريقة السياسة الناعمة».
هل كسب العقول والقلوب؟. يقول نور «لم يكسب العقول»، لأن «كلامه من نوع الإنشاء السياسي من دون طرح رؤية محددة وهناك بعض الارتباك في الأفكار». أما العريان فيرى ان اوباما «خطف قلوب وعقول العامة المشدودة له. فهو شخص مكافح ويأتي من أصول وخلفيات متنوعة ويخاطب الناس بلغة سهلة. ولكن معركته الحقيقية والتحديات التي سيواجهها تأتي من داخل اميركا». وتابع ان الأهم الآن هو «هل اوباما قادر على تنفيذ ما وعد به؟ ستكون مأساة اذا تبخرت الكلمات، ولم تعقبها أفعال».
ورغم الاحتياطات الأمنية المشددة التي باشرها مع المصريين رجال وكالة الاستخبارات الاميركية، تمكنت مجموعة صغيرة من النشطاء الاميركيين في غزة من الدخول الى مصر، والتظاهر امام جامعة القاهرة احتجاجاً على حصار القطاع. وحملوا لافتات تقول «افتحوا معابر غزة» ، و«اوباما توقف عن تمويل اسرائيل»، و«إنهاء حصار غزة»، وسط تجاهل الامن المصري لهم تماماً، على اعتبار انهم يحملون الجنسية الاميركية.
في المقابل، أجهض الأمن اعتصاماً دعت اليه حركة «كفاية» في ميدان التحرير في وسط القاهرة مساء الثلاثاء احتجاجاً على زيارة اوباما. وامتلأ الميدان بحسب شهود، بفرق «الكاراتيه»، إضافة الى قوات الأمن المركزي، وتم اعتقال يحيى القزاز، أحد نشطاء الحركة.