منتديات ليب مون

« ليبان بوست».. مشكلة أم حل؟


يبدي المواطن فادي ح. انزعاجه من عدم السماح له، كعادته في كل عام، من التوجه الى مكتب مصادقة الإفادات الرسمية، تنفيذا للتعميم الصادر عن وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، بأن «المصادقة على الإفادات المدرسية لتلامذة المدارس الخاصة تتم عبر مكاتب شركة ليبان بوست». ما يعني إلزامه بدفع رسم قدره 5500 ليرة على الإفادة، ما عدا الطوابع. يستغرب فادي التعميم: «يعني إذا بدي صدق أربع إفادات لأولادي الأربعة رح يكلفني الأمر 30 ألف ليرة.. شو الشركة أحق من أولادي لتأخذ 22 ألف ليرة زيادة؟». يرد أحد العناصر الأمنية المولجة الحراسة على فادي طالبا منه قراءة النص المكتوب على مدخل الوزارة، والذي يشير الى أن خمس معاملات في المكان ذاته تعتبر معاملة واحدة، أي أن الأجر سيكون واحداً، إن كان لمعاملة أو أربع. يقتنع فادي ويرحل، مردداً: «بس خبّروني غير هيك».
ومثلما لاقى هذا التعميم رفضا من بعض من حضروا الى الوزارة أمس، قوبل باستحسان من البعض الآخر، مع بعض العتب: «لو كنت أعرف، لما حضرت من الاشرفية وسط العجقة، لأصدق إفادة لأبني. فبدلاً من أن أحرق أعصابي على الطريق، كنت قدمت الأوراق لأي مكتب ليبان بوست حد البيت، وارتحت»، يقول غابي ر. قبل أن يشكر عنصر الأمن ويغادر الى عمله.
يبقى السؤال الذي طرحه أكثر من شخص: على من تقع المسؤولية في عدم إبلاغ المواطنين بالاتفاقية بين وزارة التربية والشركة، علما أن التعميم عمره أكثر من شهرين؟ الموظف المسؤول يرفض الإجابة العلنية، لكنه يشير الى أن خبر التوقيع على الاتفاقية نشر في الصحف، والشركة تعلن عبر وسائل الاعلام المرئية عن خدماتها التي تشمل تصديق الإفادات، لكن المواطن يرى ما يناسبه. وبعد حضوره الى الوزارة مع قرب بدء تقديم طلبات المنح المدرسية، يتنبه الى الأمر، ثم يعلو الصراخ، البعض يتقبل الأمر والبعض الأخر يعترض.
وقال: «بعد الحملة الإعلانية، لم نعد نرى الصفوف الطويلة من المواطنين أمام مكاتب الموظفين، وهذا أمر جيد لأن الشكاوى خفت الى حد أنها لم تعد موجودة». ولفت الى أن بعض الموظفين تقيدوا بتعميم الوزيرة لأسباب إدارية، بحجة عدم الإخلال بالاتفاق. وقال ضاحكاً: «البعض رفض تصديق أي معاملة حتى لمن يعمل في الوزارة خوفا من خرق الاتفاق». وعن كيفية تحرير المواطن والموظف، رأى أنه يكون عبر إعادة النظر بالاتفاق بين الوزارة والشركة، وأن يكون الموضوع اختياريا للمواطنين، وليس حصرا بالشركة. فمن يرد إنجاز معاملته بنفسه، فله الحق بذلك، ومن لا، يتوجه الى أحد مكاتب الشركة.
ينص التعميم الصادر في 11 آذار 2009 على التالي: إن المصادقة على الإفادات المدرسية لتلامذة المدارس الخاصة، وإفادات الخبرة للمعلمين في هذه المدارس تتم عبر مكاتب «ليبان بوست» فقط. أما أنواع المعاملات المعتمدة حصريا عبر «ليبان بوست» فهي: المصادقة على صورة طبق الأصل أو الشهادة الرسمية، طلب إفادة عن شهادة رسمية، تقديم طلبات الترشح الحر، والمصادقة على الإفادات الأساسية (الرسمية والخاصة) وعلى صورة طبق الأصل عنها، والمصادقة على إفادات الخبرة لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة.
الحريري: «الاتفاقية ليست قرآناً ولا إنجيلاً»
استفسرت «السفير» الحريري عن حقيقة الموضوع، فأشارت إلى أنه عند تسلمها مهامها في الوزارة، لاحظت طوابير من المواطنين التي تقف أمام مكاتب الموظفين، لتصديق الإفادات أو إجراء المعادلات للشهادات وغيرها، بحيث بلغ معدل طالبات معادلة الشهادات في يوم واحد 250 طلبا، توزعوا على خمسة موظفين. فكانت النتيجة ضغطاً على الموظفين، ما أدى الى حصول نوع من عدم الاحترام مع المواطنين.
وتابعت: «ورأينا أن مهمة عدد كبير من مديري المدارس تحولت الى معقّب معاملات، علما أن لدى الوزارة 120 مندوبا، موزعين على جميع المحافظات، مهمتهم تخليص معاملات الاساتذة وما الى ذلك». وقالت: «أما بالنسبة للقاطنين في بيروت، فأنا لست ضد أن ينهي المواطن معاملته بنفسه، وبانتظار حضور المدير العام للتربية من السفر، سأعمل على تصويب الأمر، لأن القصد التخفيف من معاناة الناس، لا زيادة الأعباء عليهم».
وأكدت الحريري أن الاتفاقية مع الشركة ليست قرآنا ولا إنجيلا، «وصباح الاثنين المقبل سأعد تعميما يزيل كل لبس». وأشارت الى أن المتضرر من الاتفاقية هم السماسرة، وباعة الطوابع، «ممن كانوا يعتبرون الوزارة نبعا للمال. وبعدما توقفت رزقة هؤلاء، بدأوا حملة.. لا يهم.. المهم المواطن، والموضوع سيعالج الاثنين».
وفرة وسهولة
وأوضح موظف مسؤول في الوزارة لـ«السفير» أن الاتفاقية تعتبر الأقل كلفة على المواطن وأفراد الهيئة التعليمية، وأيضا على وزارة التربية، فبدلاً من أن يترك المعلم مركز عمله للحضور الى الوزارة وأخذ إفادة خبرة أو ما شابه، يستعين بالشركة لتقوم بالمهمة عنه، وبكلفة أقل بكثير: «تم الاتفاق على أن تدفع كل مدرسة 170 ألف ليرة سنويا لقاء إنهاء معاملات الهيئة التعليمية، فإذا ضرب المبلغ بعدد المدارس يكون الحاصل 221 مليون ليرة، بينما تدفع الوزارة لـ 120 موظفا رواتب شهرية إذا احتسبت وسطيا بمبلغ مليون و500 ألف ليرة، يضرب المبلغ بـ12 شهرا، فيكون الحاصل مليارين و160 مليون ليرة، علما أنه يمكن الاستفادة من خدمات هؤلاء الاساتذة بالتدريس أو الإدارة وغير ذلك. لذا، يكون الوفر أقل من ملياري ليرة، وبالتالي وفر في الوقت وعدم الضغط على الإدارة».
ومع ذلك، برز احتجاج من قبل بعض المدارس الخاصة المجانية، التي طالبت بأن تعطى الحرية للهيئة التعليمية بالاختيار بين إنجاز معاملتها بنفسها أو بواسطة الشركة.