منتديات ليب مون

على متن الباخرة العلمية «قانا»



رسا المركب «قانا» في قاعدة بيروت البحرية بانتظار أن ينطلق من شواطئ بيروت نحو مرافئ المناطق اللبنانية. يسمح المركب للمرة الأولى في الشرق الأوسط بالغوص في البحر الأبيض المتوسط إلى عمق 200 متر في عرض البحر، ما يعني أنه يتيح مسحا شاملا على طول الشاطئ اللبناني، من الناقورة جنوباً حتى مصبّ النهر الكبير الجنوبي شمالاً. أمس، تم تدشين المركب، وتحدد موعد الانطلاق في الأيام القليلة المقبلة. ومع كل طلعة استكشافية، سيقضي الباحثون أياماً في عرض البحر لتنفيذ أبحاث ميدانية.
تتركز مهمته على إجراء بحوث علمية بحرية متخصصة بعلوم البيئة، ودراسة الأحياء البحرية، بالإضافة إلى مراقبة تلوث الشاطئ، وتنمية الموارد البحرية، وإعداد خرائط عن قعر البحر، إجراء مسح جيوفيزيائي.
المركب هو هبة من الحكومة الايطالية، ضمن مشروع «تركوم» الممول منها، مقدمة الى «المجلس الوطني للبحوث العلمية». فمنذ حوالى أسبوع، وقّع المجلس اتفاقية تعاون مع الحكومة الايطالية بحيث تخصص قيمة مليونين وثلاثمئة ألف يورو لتمويل المشروع، بينما بلغت قيمة المساهمة العينية للمجلس 335 ألف يورو. ويخصص التمويل لدعم برامج الأبحاث التي تُحضّر مع متخصصين ايطاليين سيبقون في لبنان لمدة ثلاث سنوات.
وضمن التعاون القائم بين «المجلس» والمؤسسات الإيطالية الدولية، أقيم أمس حفل في مرفأ بيروت، مقابل القاعدة البحرية، برعاية رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وحضوره. وحضر الحفل وزراء الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، الزراعة الياس سكاف، الخارجية فوزي صلوخ، الصحة محمد جواد خليفة، البيئة انطوان كرم، وسفير ايطاليا في لبنان غبريال كيكيا، ومدير القوات البحرية العميد علي المعلم، والسيدة رندة بري.
لماذا «قانا»؟
بعد حرب تموز الأخيرة، وبفعل استفحال البقعة النفطية التي تسببت بها إسرائيل، ابتاع الجانب الإيطالي المركب من مالكه الأصلي ونقل ملكيته إلى «المجلس الوطني للبحوث العلمية»، بهدف دعم البحوث والدراسات البحرية في لبنان.
أطلق «المجلس» عليه اسم «قانا» لرمزية البلدة الجنوبية، ولما تمثله في الثقافة والتراث التاريخي للمنطقة. ونفذت «المؤسسة الزراعية المتوسطية في باري» («سيام»)، التابعة لـ«المركز الدولي للدراسات الزراعية العليا المتوسطية»، أعمال إعادة تأهيل المركب، وتحويله الى مركب مخصص حصرا للبحوث العلمية في لبنان، وذلك بالتعاون مع مؤسسة «فيدير بيسكا» واختصاصيين بالبحوث البحرية من لبنان وايطاليا. ويشمل البرنامج البحثي للمركب مسح قعر البحر قرابة الشاطئ لإكمال خارطة قعر البحر، والبحث الهيدرولوجي والهيدروبيولوجي للمواقع الساخنة لدراسة العناصر الفيزيائية والكيمائية والبكترولوجية لمياه البحر. أضف الى ذلك تقييم الإنتاج الأولي والثاني للأحياء البحرية، ودراسة التنوع الحيوي القاعي، وتقدير المخزون الكمي والنوعي للأسماك، ودراسة انتشار الثدييات البحرية، ومتابعة التلوث الناتج عن البقعة النفطية وتعميم النتائج حول البيئة البحرية في لبنان.
حلم مقاعد الدراسة
اعتبر رئيس مجلس إدارة مجلس البحوث الدكتور جورج طعمة أن «حلماً تحقق» مع وصول المركب: «فمنذ أن التحقنا كطلاب في الجامعة اللبنانية، كنا وأساتذتنا نشتاق الى اليوم الذي نتمكن فيه من القيام بأبحاث في علم المحيطات. فأستاذنا في ذلك الحين، كان يتوجه في كل صيف الى محطة بحثية ايطالية حيث كان يمضي معظم وقته باحثا عن الأسماك والأصداف الوافدة الى منطقتنا من خلال بوابة قناة السويس».
وعن دور هذا المركب في مياهنا الإقليمية، أكّد الامين العام لـ«المجلس» معين حمزة أن المجلس هو المسؤول عن «وضع التصور والتخطيط والمراقبة، ووضع آلية لنشر المعلومات ضمن مهامه العلمية والبحثية في لبنان».
أما الجهة الايطالية فاعتبرت باسم مدير «سيام» د. كوزيمو لاشيرينيولا أن «هذا المركب هو دليل ملموس على نجاح تعاوننا المتوسطي، ورمز صداقة مميزة بين دولتينا». كما شدّد على أهمية المشاريع البحثية التي «تظهر المهارات اللبنانية بشكل مفيد لتحقيق أهداف سياسة الجوار الأوروبي». وبعد الكلمة، سلم لاشيرينيولا الرئيس السنيورة درع «سيام».
واختتم الرئيس السنيورة حفل تدشين مركب «قانا» بكلمة اعتبر فيها أن الحدث «هو بنظري بالغ الأهمية، إذ يدل على أن لبنان قد حقّق تقدماً هاماً في مجال البحث العلمي، وخاصة مجال المراقبة البيئية». وأشار السنيورة إلى أنّ «مياه البحر المتوسط ليست مياها لبنانية فقط، بل هي مياه نتشارك فيها مع دول تعيش مثلنا حول هذا الحوض المائي الذي يجب أن نحرص عليه جميعاً لأنه بالنسبة إلينا مسألة حياة».