منتديات ليب مون

غلاف التقرير وفي صدارته الرسم الفائز في مسابقة المدارس بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب


يأتي التقرير السنوي للعام 2008 «لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب»، عن أحوال حقوق الإنسان في لبنان، ليؤكد ما سبق وخلصت إليه تقارير أخرى في هذا المجال، فاعتبر العام الماضي «عام الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان في لبنان على مختلف الأصعدة».
وقد أطلق الأمين العام للمركز، محمد صفا، التقرير خلال مؤتمر صحافي عقده في نقابة الصحافة أمس، بحضور ممثل نقيب الصحافة فؤاد الحركة، ممثل مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيروت نضال الجردي، رئيس الجمعية اللبنانية للأسرى المحررين عطا الله حمود، مونيك شبلي من المجلس العالمي لمناهضة التعذيب في الدنمارك، وحسن الخلاصي مدير مركز بهجت الفؤاد في البصرة ـ العراق، وعدد من ممثلي هيئات المجتمع المدني وحقوق الإنسان. ويتألف التقرير من تسعة أبواب، تتطرق إلى مختلف الانتهاكات، وتستشهد بعدد من الأمثلة. ويورد التقرير في مقدمته أن «السياسيين يساهمون في تقسيم اللبنانيين وتفتيتهم عبر بث التفرقة الدينية والحزبية»، كما أنهم «يغالون بذلك أيضاً في انتهاك حقوق الإنسان، بدءاً من الفساد السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي». وقد أشار في عدد من الأبواب إلى تقصير الدولة، عمداً أو قسراً، في مجالات مختلفة، ما تحوّل إلى انتهاك لحقوق المواطن.
ففي الباب الأول، وتحت عنوان «الأسرى والمفقودون اللبنانيون في السجون الإسرائيلية»، اعتبر التقرير أن قرار الحكومة اللبنانية إغلاق ملف الأسرى في السجون الإسرائيلية «كان طعنة في صدور مئات عائلات المفقودين والشهداء الذين اتخذت عنهم الحكومة الحق بختم جراحهم من دون معالجتها. وكأنها تحينت فرصة تحرير الأسرى الأحياء لتتنصل من مسؤولياتها التي لم تكن يوماً بحجمها». حتى في ما يتعلّق بالمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، الذي أفرد له الباب الثاني، وجد التقرير أن الحكومتين المتعاقبتين «لم تجريا تحقيقاً جدياً لمعرفة مصير 17 ألف مفقود لبناني اختفوا خلال الحرب الأهلية؛ فيما لم تعط اللجنة السورية اللبنانية أي نتائج أو إشارات لحل معاناة عشرات العائلات».
على صعيد آخر، أشار التقرير إلى استمرار الخروقات الإسرائيلية للحدود اللبنانية، وخطفها لمواطنين لبنانيين والتحقيق معهم، كما تستمرّ «بمراوغتها وخداعها بشأن إعلان نيتها المبدئية تسليم خرائط الألغام والقنابل العنقودية التي تبين المواقع التي ألقتها فيها خلال عدوان تموز 2006». مع ذلك، يلفت معدّو التقرير إلى جهود الجيش اللبناني في معالجة هذه المسألة «ما جعل عدد ضحايا القنابل العنقودية ينخفض من خمسين شخصاً، بين شهيد وجريح خلال عام 2007، إلى 28 شخصاً خلال عام 2008. وقد تم تحديد 1061 موقعا ملوثا جديدا خلال عام 2008 تبلغ مساحتها 48 مليون متر مربع، بقي منها ملوثاً حتى نهاية العام 12 في المئة. ومنذ انتهاء العدوان بلغ عدد الضحايا 288 من بينهم 88 في المئة من الرعاة والعمال والمزارعين الذكور الراشدين».
وأثنى التقرير على خطوة وزير المالية محمد شطح في التعويض على الأسرى الخارجين من السجون الإسرائيلية «على الرغم من ثغرات الملف»، مطالباً بالمعاملة بالمثل للمفرج عنهم من السجون السورية «الذين اعتقلوا بسبب انتماءاتهم السياسية».
وتحت عنوان «ازدياد العنف والجرائم» لفت التقرير إلى أن العام 2008 شهد تزايداً في نسبة الجريمة وحالات الانتحار واللجوء الى العنف بين المواطنين، «وأول المظاهر العنفية كان إطلاق الرصاص في الهواء ابتهاجاً بليلة رأس السنة، في مناطق مختلفة في بيروت، ثم ابتهاجاً وتباعاً خلال العام مع ظهور الزعماء السياسيين في مقابلات تلفزيونية ومؤتمرات صحافية».
أما أحداث أيار فقد أعادت، بالنسبة إلى معدّي التقرير، فصولاًَ مختلفة من الحرب الأهلية. مع الإشارة إلى أنها أدت إلى سقوط 65 شهيداً و200 جريح (تقرير لقوى الأمن الداخلي) وأضرار في الممتلكات والمحال التجارية والسيارات والمنازل، كما ارتكبت فيها انتهاكات جسيمة، «منها نصب حواجز ميليشياوية نقالة أوقفت المواطنين بسبب انتماءاتهم السياسية والمذهبية»، مضيفين أنه على الرغم من اتفاق الدوحة «بقيت الجرائم التي ارتكبت في أحداث أيار وقبله وبعده من دون مساءلة وطويت من دون تحقيق قضائي جدي ومحاسبة مرتكبي عمليات القتل والخطف والتعذيب والحرق من كلا الطرفين: الموالاة والمعارضة وأطراف أخرى. وكان الأسوأ في اتفاق الدوحة اعتماد قانون الستين للانتخابات المقبلة الذي يقسم لبنان إلى دوائر بحسب القضاء، ما يجعل كل جماعة تنغلق على طائفتها وحزبها ومنطقتها. فإن إقرار المجلس النيابي والحكومة لهذا القانون هو أفدح انتهاك للحقوق المدنية والسياسية للمواطنين اللبنانيين».
وعن أوضاع السجون، أشار «مركز الخيام» إلى توقيع لبنان على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في 22 كانون الأول «لكن الحكومة حتى الآن لم تقدم تقريرها المطلوب منها حول أوضاع السجون وحقوق الإنسان إلى لجنة الاتفاقية، ما سيجعل البروتوكول يلاقي المصير نفسه كالاتفاقية التي وقّع عليها لبنان عام 2000». كما أكدّ أن «أكثر ما يفضح أوضاع السجون في لبنان هو حوادث التمرد أو الشغب بحسب وصف الأجهزة الأمنية، ومحاولة الهروب والاعتداء على الحراس التي يقوم بها السجناء»، مطالباً بالإفراج عن المعتقل يوسف شعبان، واصفاً استمرار سجنه، بالرغم من تأكيد براءته من قبل القضاء اللبناني، بالمهزلة والفضيحة المدوية بحق الديموقراطية وحقوق الإنسان و«وصمة عار على جبين الحكومات المتعاقبة، خصوصا بعد نقله من رومية إلى سجن حلبا عقاباً له بعد مشاركته في تمرد رومية».
في الباب الأخير وفي إطار أوضاع اللاجئين في لبنان، لفت التقرير إلى «التضييق والحصار الممارس ضد اللاجئين الفلسطينيين، منذ تجميعهم في مخيمات وتجمعات بائسة، وحرمانهم حتى الآن من أدنى شروط الحياة المدنية، الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحقوق الإنسان التي تدعيها الحكومات».
أما اللاجئون العراقيون فلا تزال الحكومة، بحسب التقرير، «تتبع سياسة الاحتجاز التعسفي المطول بحقهم لإجبارهم على اختيار الترحيل الى العراق مجدداً. أو إخلاء السبيل بشرط تعهد اللاجئ بتسوية وضعه وإقامته قانونياً، وهو ما لا طاقة لمعظمهم الساحق عليه. وهو يستمر في الاحتجاز حتى يختار أحد الأمرين أو تقرر السلطات ترحيله». علماًَ بأن المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقع عليها لبنان في عام 2000، تنص على وجوب التزام لبنان بمبدأ عدم الإبعاد القسري للاجئين. بالإضافة الى توصية المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، في عام 2006، بعدم ممارسة سياسة الترحيل الجبري أو الطوعي ضد اللاجئين بالعودة إلى العراق.
الجدير ذكره أن تقرير «مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب» يضمّ عرضا لأبرز نشاطات المركز وتقديماته، لا سيما على الأصعدة الصحيّة والنفسية والاجتماعية، من خلال مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي وصندوق دعم ضحايا التعذيب في الأمم المتحدة و ومؤسسة OAK والذي يشمل المعتقلين السابقين في السجون السورية والإسرائيلية وعائلاتهم، بالإضافة إلى ذوي المفقودين.
ويختتم بسلسلة توصيات منها ما هو موجه إلى الحكومة اللبنانية وأبرزها:
استحداث وزارة تعنى بحقوق الانسان في لبنان، واعتبار الطائفية شكلاً من أشكال العنصرية والإسراع في تشكيل الهيئة الوطنية لإلغائها، وتكاتف هيئات المجتمع المدني للنضال ضدها، وإقرار قانون ديموقراطي للانتخابات واعتبار قانون الستين انتهاكاً فادحاً للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية وقانون منح الجنسية لعائلة المرأة اللبنانية المتزوجة من غير اللبناني، كما إلغاء أشكال التمييز الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي ضدها